عسكر إفريقيا بين تصحيح المسار…. وازمة الشرعية!!
تمتلك إفريقيا اعلي معدل الانقلابات العسكرية مقارنة بباقي القارات الأخرى! اي حدوث أكثر من 200 انقلاب عسكري
عمر موسي / تحالف الاعلاميين والحقوقيين الأفارقة
أفريقيا هي أفريقيا!
عقود مضت ولا زالت الاضطرابات السياسية والازمات الاقتصادية والانقلابات العسكرية عادة من العادات الموروثة في القارة الأفريقية وربما يكون الانقلاب العسكري هو الخيار الوحيد من اجل حسم الفوضى داخل الدول الافريقية، تمتلك إفريقيا اعلي معدل الانقلابات العسكرية مقارنة بباقي القارات الاخري! اي حدوث أكثر من ٢٠٠ انقلاب عسكري بنسبة ٩٠% في إفريقيا التي لديها ١٥٤ دولة، هذا يعني أن نسبة الانقلابات العسكرية بالقارة الأفريقية حوالي ٣٧% اي بمعدل كل ٥٥ يوما انقلاب عسكري وقد يبدو أسوأ معدل علي الإطلاق، ولقد أصبح ظاهرة الاستيلاء علي السلطة بواسطة قوي مسلحة في الدول الأفريقية سواء كانت شرقها او غربها او شمالها او جنوبها او وسط إفريقيا أسهل من شرب الماء او رمش العين (طبيعي)…. واي انقلاب عسكري او دستوري او استيلاء علي السلطة بواسطة معارضة مسلحة……. لديه دوافع ومبررات وايضا دعم محلي وإقليمي ودولي! لذلك يسهل مهمام الانقلابين ويعيق التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني في إفريقيا! لذا معظم الدول القارة الأفريقية تعاني من ذلك، والبعض يسأل ما الفائدة من الديمقراطية اذا كانت هناك أيادي خفية تنصب الأشخاص الذي تريدها؟ لكي تستمر مصالحها سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو غيرها.
–لدى العسكر في إفريقيا عندما يستولون على السلطة دائما مبررات لاقناع الشعب لكي يتم تاييدهم! ومنهم من يقولون بأن النظام السابق نظام استبدادي او نظام تتبع للامبراليين اي بما يعرف بالراسماليين (الاوروبا الغربية) بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، لكي لا نذهب بعيد أن معظم الانقلابات العسكرية في إفريقيا خاصة غرب إفريقيا تهدف الي تصحيح المسار بإرادة وطنية ونموذج لذلك مالي – النيجر – غينيا بيساو – بوركينا فاسو وغيرها.
–الانقلاب العسكري في مالي ١٨ أغسطس ٢٠٢م، وجاء ذلك من أجل لاطاحه بعملاء فرنسا كلا من ابراهيم أبوبكر كيتا رئيس الحكومة وبوبي سيسي رئيس الوزراء، بتزامن مع مظاهرة شعبية مطالبين حكومة أبوبكر بالاصلاحات الاقتصادية علما بأن الاقتصاد المالي كانت فى انهيار تام بسبب التبعية الاقتصادية لفرنسا وحلفاءه! لذا التدخل العسكري والاستيلاء علي السلطة بدولة مالي هي تهدف الي إنقاذ الشعب المالي وموارده من قبضة فرنسا، لذا الحكومة الجديدة في مالي أوقف التعامل مع فرنسا سياسيا وعسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا.
الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو
–وايضا الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو ٢٤ يناير ٢٠٢٢م، الغرض من الانقلاب هي أيضا ازاحة حليف فرنسا المستبد وتصحيح المسار بالبلاد”روش مارك كريستيان كابوري” وكانت الانقلاب بقيادة الجنرال بول هنري وبعد نجاح الانقلاب تم تنصيب “إبراهيم تراوري”رئيسا للحكومة الانقالية البوركينية، ومن الشئ الإيجابي الذي فعله الحكومة الانتقالية في بوركينا فاسو هو تعطيل الدستور ومقاطعة الجمهورية الفرنسية سياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا وايضا طرد السفارة الفرنسية والجيش الفرنسي من البلاد! حيث يراي البعض انه خطوة جريئة من الحكومة الانتقالية البوركينية بقيادة الزعيم “ابراهيم تراوري” خاصة في نظر عملاء فرنسا وبعض الدول الأوروبية الاخري، ولم يكتفي تراوري بهذه الخطوة بل اعطي درس لكل الأفارقة في القمة الروسية-الافريقية بين الرئيس الروسي بوتين والزعماء الأفارقة حيث ارسل تراوري رسالة للافارقة والامبراليين رسالة واضحة وقال فيه “الشخص الذي لا يستطيع أن يناضل من أجله مستقبله غير جدير بالإشادة ونحن معتادون على النضال من أجل وطننا……ولذا حملنا السلاح ضد الإرهاب لحماية دولتنا…… نحن نستغرب من أن الإمبرياليين يسمون بعض الفصائل المسلحة بالمعارضة وبأنهم وطنيون يجب على قادة الدول الإفريقية ألا يتصرفوا كدمية في أيدي الإمبرياليين والمستعمرين، وأقول لهؤلاء القادة: علينا أن نضمن الاكتفاء الذاتي لشعوبنا، مثل أن نعالج مشكلة النقص في الغذاء وهذه الأولوية لنا وعلينا أن نحترم شعوبنا التي تناضل ضد الاستعمارية”.
انقلاب النيجر
–واضافة الي ذلك أن انقلاب النيجر ٢٦ يوليو ٢٠٢٣م، هي من أجل إزاحة زعيم الديمقراطية المزعومة بأزوم التي تم تنصيبه من قبل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من أجل استمرار أعمال النهب الغير مباشر لموارد النيجر خاصة في قطاع التعدين، ويعمل الحكومة الانتقالية في النيجر لقطع علاقتها مع فرنسا في كافة الجوانب وقفل السفارة الفرنسية وطرد قواته من البلاد، فرنسا تنهب موارد النيجر باستمرار لذا الشعب النيجري تعيش في فقر بنسبة ٩٠%.
–العسكر في إفريقيا تواجه مشكلة الشرعية اي الاعتراف ولكن من الخارج، وبالعكس الانقلابات العسكرية التي حدثت متأخرا حظت بتاييد شعبي كبير! سواء كانت في غينيا بيساو او بوركينا فاسو او النيجر او الغابون او مالي، أما المنظمات الإقليمية مثل الايكواس والاتحاد الافريقي والمنظمات الدولية مثل الاتحاد الأوروبي والامم المتحدة دائما يدينون الانقلابات العسكرية في افريقيا بغض النظر عن الدوافع والمبررات لأنهم منظمات تابعة وليس مستقلة، وإضافة الي ذلك نجد كلا من فرنسا وأمريكا وبريطانيا وبعض الدول الأوربية، ومن جهة اخري الصين وروسيا تأييد الانقلابات العسكرية في افريقيا وتقول انها شأن داخلي وتتعامل معهم من دون أي قيود، لأن روسيا والصين ينظرون للافارقة كدول ذات سيادة وليس الغربييون الذين ينظرون للافارقة كجهلة ومتخلفون.
تصحيح المسار.. فعلا؟
–معظم الأفارقة الوطنين ينظرون علي الانقلابات العسكرية التي تحدث في إفريقيا، أنها تهدف الي تصحيح المسار ومحاربة الامبرالية، وعندما حاول دول الايكواس التدخل عسكريا في النيجر من أجل إعادة شرعية بازوم! هناك بعض الحلول تم طرحها علي الطاولة ومن ضمنها حديث الدبلوماسي الجزئري “بن عامر بكي” قال يجب علي دول الاكواس تعليق عضوية النيجر بدلا من التدخل العسكري، لأن التدخل العسكري يعني عدم الاستقرار بالمنطقة” وقد يؤدي الي استمرار الحرب بالمنطقة مما يزيد الطين بلة، لان إفريقيا عانت من الحروب بكافة أنواعه وأشكاله.
–اخيرا، إفريقيا للافارقة ويجب علي القادة الأفارقة أن يوحدوا صفوفهم من أجل مجابهة الاطماع الغربي خاصة دول أوربا الغربية بقيادة أمريكا وفرنسا وبريطانيا، القارة الأفريقية غنية بالموارد المتنوعة لذا يجب علي الأفارقة إعادة ترتيب البيت من الداخل، وإعادة ترجمة العلاقات الخارجية من أجل المصالح العليا للدولة وليس المصالح الشخصية! لان المصالحة العليا تمكن الأفارقة من حل الأزمات السياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية، والحرب الروسية الاوكرانية قد تؤدي الي خلق نظام عالمي متعدد الاقطاب لذا يجب علي الأفارقة عن يضعوا ذلك فوق الاعتبار.