عثمان ناجي
لَن أُطِيل عَلَيْكِ مِثْلَ مَا تَفْعَلُ شُهُورُكِ الِاثْنَا عَشَرَ.
هِي توشك أَنْ تَنْصَرِفَ قَبْل حلولك أَنْتِ، فِي تَبَادُلٍ مَفْضُوح للأدوار.
لَن اختَصِرَكِ فِي كَلِمَاتِ قَلِيلِة أَيْضًا، لِأَسْبَاب تَفْهَمِيهَا جيداً.
تُدرِكِينَ بحَدسِكِ الْوَقْتِيّ أَنَّ مَا يَتَسَاقَطُ مِنْ دَقَائِقِ وسَاعَاتٍ هُوَ كُلُّ مَا أَمْلِكُ أَنَا مِنْ عُمْرٍ فَوْقَ هَذِهِ الْأَرْضَ.
أُصَارِحُكِ دُون مُوارَبَة ، الَسْتِ أَنْتِ مِنْ يُغَادِرُ الْآن تَحْت مُسَمَّى السَّنَةِ الفارطة؟
نَعَم، أَشُكّ أنَّكِ سَتُغَيِّرينَ فَقَط رَقْمًا واحداً لتعودي وَتَدَّعِي مَرَّةً أُخْرَى أنَّكِ جَدِيدَة.
سَتَزعَمينَ أنَّكِ تحملين أَمَانِيّ كَثِيرَةً.
سَيُرَاهِنُ بَعْض الْبُلَهَاء عَلَى السَّعَادَةِ فِي ظِلِّ حُلَّتِكِ الْجَدِيدَة الْقَدِيمَة، كَمَا يُرَاهِن مُقامِرٌ فاشِل عَلَى جَوَادٍ عَجُوزٍ.
لِمَاذَا لَا تَكُونِي صَرِيحَةً وتخبري الْجَمِيع بِالْحَقِيقَة كَامِلَة:
أَنَّ مَا كَانَ هُوَ مَا سَيَصِير.
أَنَّ الْفُصُول ستتعاقب برتابة مِثْل حُرَّاسِ أَبْوَاب السُّجُون.
أَنَّ الْفُقَرَاءَ هُم نَفْسُهُم الْفُقَرَاء.
أَنَّ السِّياسِيُّون سَيُخفُون نواياهم الْبَذِيئَة خَلْف تَعَابِير مُرَصَّعَةٌ بِالكَذِبِ وَالبُهْتانِ ومَصبُوغَةٌ بِعِنَايَة مِثْلَ حَبِّة دَواءٍ وَهْمِيَّةٍ.
أَنَّ الْأَشْرَارَ سَيَجعَلونَ مِنْكِ مَطِيَّة لِتَبَادُلِ ابتساماتٍ صَفْرَاء وَتَوْزِيعِ بِطاقات سَخِيفَةٍ.
تَستَلِذِّين الْآن بِكُلّ الأَضْوَاء الَّتِي تَحْتَفِل بِكِ ، تَسْتَهْزِئِين مِن طَيْبُوبَةِ أَصْحَابِهَا وَجَهْلِهِم بحَقِيقَتِكِ.
أَنْتِ هِيَ أَنْتِ.
كَائِنٌ مُخَادِعٌ مُنْذُ الأزَلِ.
خَلْف الأرْقَامِ والمُسَمَيَاتِ يتَعَاقَبُ الْأَحْيَاءُ وَالْأَمْوَاتُ والعُصُورُ والحِقَبُ.
أَمَّا السّنةُ فَلَا قَدِيمَةٌ وَلَا جَدِيدَةٌ، بَل مَحَطَّةٌ دَائِمَةٌ يَعبُرُهَا النَّاسُ إلَى وِجْهَةٍ مَحتُومَةٍ.
ثُمَّ مَاذَا؟
لَا عَلَيْكُمْ هِي هَلْوَسَة بِأَلْوانِ الِاحْتِفَال وبمذاق حَلْوَى رَأْسِ السَّنَةِ. . .
سَنَحْتَفِلُ مِثْل الْبلهَاء، مِثْل الْأَشْرَار، مِثْل السِّيَاسِيِّين الْكَذَّابِين، مِثْل الطَّيِّبِين…
بِبَلاغَة البُسَطَاءِ أَقُولُ لَكُمْ،
سَنَةٌ سَعِيدَة وَكُلّ عَامٍ وَأَنْتُم بِخَيْر.
ــــــــــــــــــــ
عثمان ناجي: شاعر/ المملكة المغربية