رياضة

“أسلحة” أسود الأطلس وتكتيك الركراكي للفوز على البرتغال

"جيبوها يا لولاد"

جمال اشبابي/ باريز

هل يفعلها أبناء وليد الركراكي ثانية، ويقصون البرتغال بعدما أتوا على أحلام “لاروخا”؟ أم أن زملاء رونالدو سيفلحون في فك شفرة دفاعات القائد رومان سايس؟ الأكيد أنه في مباراة اليوم لن ينقص زملاء حكيم زياش، الطموح والرغبة الجامحة في مواصلة الحلم، كما صرح بذلك، وليد الركراكي.

“ما يهمنا هو الفوز بمباراة يوم السبت من أجل صنع التاريخ، والذهاب إلى الدور نصف النهائي والإستمرار في الحلم”، كما قال “راس لافوكا” كما يحلو للمغاربة تسميته، “وكلما إنتهى الأمر في وقت لاحق، كان ذلك أفضل بالنسبة لنا وللشعب، الهدف أن يفهم أنه لا يزال بإمكاننا فعل المزيد وأفضل. إذا واصلنا التفكير على هذا النحو، فسيكون من الصعب التغلب علينا في الوقت الحالي، لم نفعل أي شيء، لقد أحبطنا للتو بعض التوقعات من بعض الجامعات وبعض البرامج التي أعلنت بلجيكا في دور الـ16. كرة القدم هي الرياضة الوحيدة التي يمكن أن يكون كل شيء فيها ممكنا. لقد فهم اللاعبون ذلك وهم جوعى “. هكذا، قال وليد في رسالة واضحة لخصومه البرتغاليين.

لكن، من أين يستمد الزعيم وليد هذه الثقة، وهذه القوة؟ هل هي “النية” كما يقول، أم معرفته الجيدة بحالة الأسود الذهنية، وبما يدور داخل إقامتهم وخلال تداريبهم؟ أم هي كل هذه الأمور مجتمعة؟ و في مقابل ذلك، هل بمستطاع البرتغال هزم أقوى دفاع في منافسات هذه الكأس.

أظن أن الإجابة على كل هذه الأسئلة، سيترجمه الأسود على أرضية الملعب، والأكيد، أن مباراة اليوم ستلعب ذهنيا، والغلبة ستكون لمن يأمن أكثر بقدراته على مواصلة الطريق، ومدى تسلح كل فريق وتفاني لاعبيه وقتاليتهم.

سفيان أمرابط، البلدوزر المغربي الصنع 

فما هي أسلحة الركراكي في هذه الواقعة؟ فالٱلة المغربية، إضافة إلى سايس وأكوراد، وبونو، تعتمد بشكل كبير على سفيان أمرابط، لاعب وسط الميدان الذي يتميز بكونه يتأقلم مع اللعب في كل التضاريس كعربة رباعية الدفع، فهو قادر على مضاعفة الجهود والسباقات وإدارة كلتا الحالتين الدفاعية والهجومية، وهو كذلك بمثابة مكشطة للكرة خارج كل المعايير، وتساعده لياقته البدنية القوية والقراءة الممتازة للعبة على إيجاد حلول هجومية، مما يجعل عملية التحكم فيه شبه مستحيلة، فهو مثل ٱلة بلدوزر لا يستطيع احد إيقافها بمجرد تشغيلها.

لا يجادل أحد أن القناعة التي خرج بها كل المتتبعين، خلال كل مواجهات الأسود بمونديال قطر، تجمع كلها، أنه لهزم أبناء الركراكي في واقعة عشية اليوم، لا بد من جرعات كبيرة من الشجاعة والجرأة من طرف زملاء رونالدو لزعزعة إستقرار عرين الأسود.

القوة الضاربة للأسود: التكتل والصلابة الدفاعية الراسخة

ولم يعد نجاح الأسود، والطريقة والتكتيك المتبعين من طرف الداهية وليد سرا من الأسرار، ذلك أنه السهل الممتنع، فنجاح أسود الأطلس يرجع بالدرجة الأولى إلى كفاءتهم الدفاعية التي تعتمد في الواقع على فكرة اللعب بصلابة بقدر ما تعتمد على فرديات تمريرات زياش وخلخلة بوفال للمدافعين وهربات نصيري وسرعة الصبيري.

ويستمد الأسود قوتهم أيضا بعد يقينهم، أن تواجدهم لم ولن يكون صدفة في مونديالهم الرائع، متسلحين بالثقة بالنفس، والعمل بكل حزم مع “النية” وثقة الجمهور، وصولا إلى ربع نهائي غير مسبوق ولا مثيل له.

وبات واضحا، لكل المتتبعين، ومنذ بداية المنافسة، أن المنتخب المغربي، لم يحط الرحال بقطر للنزهة ولا لتسجيل المشاركة، مراهنا على الوصفة السحرية التي سمحت له بالوصول إلى هذه النقطة على الرغم من تواجدهم مجموعة قوية سميت بمجموعة الموت، مع وجود بلجيكا وكرواتيا، ومواجهة ضد إسبانيا في دور الثمن.

أحسن دفاع وحكيمي ومزراوي أحسن ثنائي ظهير في قطر 

وتتمثل القوة الضاربة للأسود، في التكتل والصلابة الدفاعية الراسخة، هذه القوة الدفاعية، مكنت الأسود من التربع على عرش أحسن دفاع إلى غاية اليوم، إذ لم يتلقى ولو هزيمة واحدة، ولم تتلقى شباك بونو أي هدف من طرف الخصوم، اللهم ذلك الذي كان نتيجة نيران صديقة.

فشباك ياسين بونو ظلت نظيفة رغم ضربات الجزاء ضد إسبانيا، حيث أوقف محاولتي بوسكيتس وسولير، وحدها إسبانيا ذاقت من هذا الكأس، كأس ٱخر بنكهة “لافوكا”، بتعمد الركراكي ترك الكرة لهم، رغم أنه بعث لهم برسالة مشفرة، قبل إنطلاق المواجهة، مفادها أن “إمتلاك الكرة لا يضمن الفوز”. وهي طريقة أتت أكلها مع إسبانيا وأظهرت فشل”التيكي تاكا”، وعجلت بإيقاف لويس أنريكي.

ورغم أن أرقام وإحصائيات الأربع لقاءات الأخيرة للمنتخب المغربي في هذه المنافسة، تبين أن زملاء رومان سايس لم يستحوذوا على الكرة إلا بنسبة 33.8 ٪ فقط من أطوار هذه اللقاءات. وهو أقل إجمالي بين المتأهلين لربع النهائي الثمانية، وهو أيضا، ثاني أدنى سجل بين جميع الفرق التي شاركت في البطولة، بعد كوستاريكا بـ 31.3٪.

غير أن المدهش في خطة الركراكي، أن هذه الحيازة الضعيفة قد توحي بأن الأسود يحبون المعاناة خلال لعبهم، لكن في واقع الأمر، هي خطة وإن كانت ترهق دفاعاتنا لكنها في نفس الوقت، ترهق أكثر هجوم الفريق الخصم، وتجعل الأسود أكثر فعالية في الهجمات المضادة والضربات الثابتة.

والمثير في تكنيك الركراكي، أنه منذ بداية المنافسة، تلقى أسود الأطلس 33 تسديدة فقط (بما في ذلك الوقت الإضافي ضد إسبانيا)، وهي بالكاد أكثر بثلاثة أضعاف من المنتخب الفرنسي. ولكن الذي يهمنا ونحن على بعد ساعات من إنطلاق المباراة المصيرية، أن الأسود تلقوا عشرة تسديدات أقل من خصمهم البرتغال، والأهم من ذلك أيضا، أن خمسة فقط من تلك المحاولات الـ33 صوبت نحو الإطار، مقارنة مع أربعة صوبت ضد الأرجنتين. وهو ما يعني أن الخطة المغربية تهدف للحد من التسديد نحو مرمى بونو، وإغلاق كل المنافذ والمساحات الفارغة باتجاه المرمى.

الأسود يوجعون رغم عدم الاستحواذ على الكرة

ومن المفارقات أيضا، أن المنتخب المغربي هو الفريق الذي جعل من خطه الخلفي أبعد بقدر المستطاع من مهاجمي الخصم، وهو ما تأتى بفضل المساهمة الدفاعية للاعبي الوسط المهمة جدا، خاصة، أمرابط، أما حكيمى ومزراوي، ورغم حسهما الهجومي المعروف، فقد تم إعتبارهما أفضل ثنائي ظهير في البطولة على الإطلاق، ذلك أن نديتهما الدفاعية كانت حاسمة وشرسة في العديد من الهجمات.

وأوقف الثنائي حكيمي ومزراوي أكبر عدد من التدخلات، فبالنسبة لحكيمي، فقد سمح للأسود بإستعادة الكرة 11 مرة (حوالي 64٪). مقابل ثمان مرات لمزراوي (حوالي 62٪)، ونادرا ما تكون تدخلات لاعب الجناح قادرة على أن تكون فعالة جدا على الأرض، عكس ما قام به هذان اللاعبان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock