نساء

الإعلامية والكاتبة المصرية رشا رفعت شاهين تكتب: ثدياي

….. (ثدياي) كأنهما طفلا سفاح ظهرت فضيحتهما على جسد عذري لم يرتكب إثما،، عقوبة من السماء لملاك لم يعترض يوما علي  أية أوامر إلهية غير منطقية،، علما رايات حمر يدعوان كل طالب متعة لاختلاس النظر وأحيانا اللمس،، يتيمان أثقل حملهما جسدي وكرامتي وإنسانيتي في مجتمع لا كرامة فيه لأنثي،، نشيج طفل لا يسمعه أحد وسط ضجيج ملوث بدخان الأنفاس والسجائر والمصانع والسيارات،، زلزالان صغيران يريدان إحداث ثورة كونية لصالح النساء وسط سخرية الاقدار المذكرة،، قراران بإعدام آخر خيط ابيض للطفولة يسقط من سماء البراءة،، أمران بالضبط الإحضار فوراً لسجن النساء لجريمة لا أتذكر ارتكابها،، مفاجأتان كزوجتين لزوجي أو لأبي ضرتان أو عمتان كارهتان لأبناء زوجة أخ،،، كرهتهما جدا منذ برزا بكل وقاحة ودون إذن مني كرهت لهوهما  صغيرين في مواقف جادة جدا وسكونهما بشكل فاضح في حالات الإغواء فيما بعد،،، كم غيرتهما الأيام كثيرا وغيرتني بهما وبسببهما،،، كنت أربطهما ربطا لأخفي ملامحهما لا ظل حرة في الجري والحركة والنقاشات وتحدي صبيان  الفصل والجيران وكيف لي أن أخوض التحدي ومعلق  فوق رئتي مثل قيد يميز العبد عن الحرّ طبقا جيلي يهتزان ليجلبا لي السخرية والاشتهاء واضطراب النفسية والفكر والمشاعر،،، كنت أهرسهما بيدي لأقتلهما وأضربهما كجنينا خطيئة اريد إجهاضهما قبل نضوج ثمرهما باكية وسط ضحكات أمي وشفقتها،،

ذات مرة ركبت مواصلة للنقل العام كنت في الرابعة عشر ربما وعندما رأيت الشباب والصبيان يقفزون والحافلة تجري، شعرت بالغيرة وقررت أن افعل مثلهم وقفزت ليتلقفهما،، وهما بالذات،،، كفان قذران لشاب يقف في الشارع ونفضت قذارته عنهما وجريت وسط شعور لازال يلازمني إلى الآن بالهزيمة…

هزيمة  معركة  الاتوبيس يا إلهي كم أنا مريضة معقدة وكيف لا أكون وسط مجتمع  مجنون ؟!ضغطتهما ورفضت ارتداء (السنتيان) الذي أحضرته لي والدتي مسرورة كأنها تهنؤني على نزيف دمي الابدي وعبودية جسدي القاهرة لنفسي وأحضرت عددا من الشرائط البيضاء وأخذت ألفهما كرضيعين في كفن أبيض ماتا في المهد،،، وظننت أني دفنتهما للأبد وحررت جسدي من عارهما وعدت لأمارس طفولتي رغماً عن المجتمع وعن الطبيعة وعن أمي الخائفة علي بشدة،،، وكما يخرج الميت من الحي والحي من ميت حطٓما كفنهما وأثمرا رمانتين كبيرتين  يانعتين تتحدي صحرائي المصنوعة بيدي وما لبث جسدي أن أثمر من جميع  انحاءه،، وكأنما ثورة من الإثمار ومن الأثداء حلت بجسدي كله أثداء بمختلف الأحجام والمقاسات نكالاً بي برزت لتعلن هزيمتي المبكرة جداً هزيمة جسدي لي وكيف بعد ذلك أشكو من هزائم مجتمعي بعد ذلك؟

… في عِند طفولي، حاولت تكرار قفزة التحدي من أتوبيس آخر، ربما لأثبت لنفسي فقط أنني مازلت قادرة على الحرب رغم كل تلك الثمار المتدلية يميناً ويساراً وشمالاً وجنوباً مثل مرض استشري في أنحاء جسدي وتلك المرة تلقفت الأكف الثمار الأكبر والأدنى ثمار المؤخرة التي ثارت مؤخراً، ولكني، وكمفاجأة فاجأت بها حتي نفسي، رددت بصفعة جمعت فيها كل شيء وكل حقد في رسالة قصيرة مدوية وفورية فرغم قيود الجسد ما زال عقلي حراً ويداي حرتان… ولن أهزم أبداً وبداخل روحي طفلة عنيدة جداً جسدها أملس كصخرة وبدون أثداء…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock