جماعة العدل والإحسان ومخطط زعزعة استقرار المغرب
دأبت جماعة العدل والإحسان على استغلال القضية الفلسطينية لأهداف لا علاقة لها بتحرير فلسطين أو بدعم الصمود الفلسطيني ماديا. فالجماعة معروف عنها المتاجرة بمحنة الفلسطينيين والسعي إلى تعميقها ، كما تفعل كل تنظيمات الإسلام السياسي وعلى رأسها حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة وتذيق الفلسطينيين ومعارضيها من صنوف التعذيب ما لم ترتكبه إسرائيل دون أن يصدر أي تنديد أو استنكار من الإسلاميين عموما ومن جماعة العدل والإحسان على الخصوص.
بل إن الجماعة لم يثبت عنها أنها ساهمت ماديا في بيت مال القدس المخصص لدعم صمود المقدسيين. في إطار هذا الاستغلال والمتاجرة بالقضية الفلسطينية، ظلت الجماعة تدعو إلى مسيرات تضامنية مع الفلسطينيين لاستعراض قوتها العددية والتنظيمية في الشارع العام. لكن ظروف الجائحة وحالة الطوارئ الصحية حالتا دون استغلال الجماعة للمناسبات الفلسطينية بتعبئة أتباعها وحلفائها في مسيرات أو تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين. وما أن أعلنت السلطات المغربية تخفيف الإجراءات الاحترازية وفتح المساجد أمام المصلين لأداء صلاة التراويح، حتى سارعت الجماعة، عبر أذرعها “الحقوقية” إلى الدعوة إلى تنظيم تظاهرات “الفجر العظيم” بعدد من مساجد المملكة ابتداء من 2 أبريل الذي يصادف أول أيام رمضان.
فالجماعة لم تدخر أساليب التدليس والمغالطة والاتهام ضد النظام بسبب استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل؛ إذ حرّكت ذيولها “الحقوقية” لتنظيم وقفات احتجاجية ضد التطبيع، سواء أمام البرلمان أو بعدد من المدن المغربية. وكانت الجماعة تهدف إلى خلق تيار شعبي “مناهض للتطبيع” قصد الضغط على الدولة وحملها على قطع العلاقات مع إسرائيل. وبعد أن يئست الجماعة من تعبئة الشارع المغربي بسلسلة من الدعوات إلى التظاهر والاحتجاج، لجأت إلى تحريض المصلين واستغلالهم لتنفيذ مخططها. فالجماعة أدركت أن الرهان على واجهة واحدة لا يكفي لتعبئة المواطنين خلف شعاراتها وتوظيفهم كدروع بشرية لمواجهة الأجهزة الأمنية التي تسهر على تطبيق القانون واستتباب الأمن والاستقرار.
وما يُعقّد مهمة الجماعة أن الشعب المغربي يدرك جيدا الدعم المغربي القوي والثابت للقضية الفلسطينية منذ عقود، وأن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل لن يكون على حساب الفلسطينيين. فضلا عن هذا، فإن المغاربة لهم قضيتهم الوطنية الأولى، وهي قضية الوحدة الترابية التي يتآمر عليها أعداء المغرب منذ خمسة عقود، وحان الوقت لحلها نهائيا.
فوحدة المغرب واستقراره أمران مقدسان لدى الشعب المغربي ولا يمكنه التفريط فيهما أو التواطؤ ضدهما. إذ لا يخفى على عموم الشعب المكاسب المهمة التي حققها المغرب بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء واستئناف العلاقات مع إسرائيل. تلك المكاسب التي جعلت المغرب يواجه خصوم وحدته الترابية بكل حزم مما اضطرهم إلى تغيير مواقفهم لصالحه.
من هنا، استعصى على جماعة العدل والإحسان تنفيذ مخططها؛ الأمر الذي جعلها تغير التكتيك وذلك بالسعي إلى اختراق المجتمع عبر تحريض الطلبة في الجامعات المغربية. وقد كشف القيادي في الجماعة ونائب المنسق الوطني “للجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع”، عبد الصمد فتحي، خلال الندوة الصحافية التي عقدتها الجبهة يوم السبت 02 أبريل 2022، “لعرض تفاصيل مجلسها الوطني الثاني مع حصيلة اليوم الوطني الاحتجاجي الخامس الذي نظمته بمناسبة يوم الأرض الفلسطيني”، كشف عن تكتيك الجماعة لتجاوز صعوبة التأثير على الشعب واستقطابه.
ومن خصوصيات الشعب المغربي التي تقوي مناعته ضد أي استقطاب، حسب عبد الصمد فتحي، أن “طبيعة الشعب المغربي وخصاله التي يتميز بها من كرم وسلم ومحبة “يشكل تحديا لعمل الجبهة وكل المكونات المناهضة للتطبيع”. ذلك “لأن طبيعة البيئة المغربية لم تترب على العداوة لدين معين أو طائفة معينة”، وأن “هذه التربية التي تربى عليها المغاربة تُستغل، ولا تترك مجالا للتفريق في كثير من الأحيان بين اليهود وبين الصهاينة”. فالمغربي، بالنسبة لفتحي “رجل سلم ولا يعرف حقيقة اليهودي.”
إذن، كيف يمكن للجماعة الوصول إلى تغيير طبيعة الإنسان المغربي وثقافة التسامح التي تشبع بها عبر التاريخ؟ حاولت الجماعة التظاهر في الشوارع ففشلت في تعبئة فئات الشعب المغربي ضد النظام والدولة، ثم لجأت إلى استغلال المساجد فمُنيت بالفشل ذاته. وها هي اليوم تلجأ إلى الجامعات علّها تحقق ما فشلت وتفشل فيه باستمرار.
من هنا قررت الجماعة، عبر “الاتحاد الوطني لطلبة المغرب” الذي تسيطر عليه وتجعله ذراعا من أذرعها لخدمة مشروع “القومة”، تنظيم تظاهرة وطنية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة أيام 12،13 و14 أبريل الجاري تحت شعار “من أجل الوطن.. من أجل فلسطين.. جميعا ضد التطبيع”. ورغم عدم ترخيص رئاسة الجامعة بتنظيم التظاهرة، فإن الجماعة أصرت عليها لأن لها مآرب أخرى، ومنها:
1 ــ استغلال الطلبة وتعاطفهم مع القضية الفلسطينية لاختراق المجتمع المغربي والتشويش على ثقافة التسامح التي تربى عليها وتشبع بها.
2 ــ استعمال الطلبة كدروع بشرية لمواجهة القوات الأمنية واستفزازها بهدف تصوير مشاهد المطاردة وبثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الأنترنيت؛ ومن ثم التشهير بالأجهزة الأمنية التي أفشلت كل المخططات الإرهابية التي استهدفت وتستهدف الوطن. إذ بفضل المقاربة الاستباقية التي تنهجها الأجهزة الأمنية تمكنت من المحافظة على أمن المواطنين واستقرار الوطن، وهي نفس المقاربة التي تُفشِل خطط الجماعة وتُفسد أحلام زعمائها و”رُؤاهم.”
3 ــ لعب دور الضحية الذي تتغذى عليه الجماعة لاستدرار تعاطف المواطنين.
4 ــ استرجاع البريق الذي فقدته الجماعة وذلك بجعلها محور الأخبار على المواقع الاجتماعية.
5 ــ تنفيذ مخطط زعزعة استقرار المغرب بكل الأساليب ، ومنها تحريض الطلبة في الجامعات على الاحتجاج.
كل هذه الأساليب الخبيثة ليست الغاية منها القضية الفلسطينية، ولكن استهداف استقرار الوطن. ولحسن الحظ أن الشعب المغربي فطن بمخططات الجماعة وأهدافها منذ مدة؛ لهذا لم يعد يكترث بدعوات الجماعة وبلاغاتها التحريضية. فالمغاربة سبق ورفعوا شعار “تازة قبل غزة” لأنهم يؤمنون أن استقرار الوطن أولى وأهم من نصرة القدس، خصوصا وأمامهم نماذج لأوطان تم تدميرها باسم “نصرة القضية الفلسطينية”، فلا الأوطان بقيت ولا فلسطين تحررت .