لا ديمقراطية، لا نخبة حقيقية، لا رياضة، لا تناوب، لا يسار، لا يمين
بينما لا يزال البعض يلوك هزيمة فريق كرة القدم مثل طعام بارد وسيء المذاق، مر آخرون إلى مسلسل طلب الإقالات والاستقالات.
في الحقيقة، أنا لا أملك رأيا سديدا في الموضوع، لا أملك سوى إعجابي المتجدد بقدرة الناس على التحول سريعا من نعت الفريق بالأسود المزمجرة المنتصرة إلى وصفه بالكراكيز دون روح قتالية وربما دون وطنية، وكأن الفوز بمباريات سابقة في نفس البطولة لا يعني شيئا.
هكذا، ما إن صفر الحكم نهاية العرض حتى انطلق الكل منددا، متهما، غاضبا وغير راض تماماً.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، في فرنسا، حين يربح الفريق يكون فرنسيا يمثل ألوان العلم الثلاثة وفخر الوطن وكذا مستعمراته، حين يخسر نفس الفريق يصبح فريق مهاجرين زنوج لقطاء لا يستحقون أن يحملوا قميص دولة فرنسا النقية البيضاء.
في فرنسا، يسمي البعض ما يحصل بعد الهزيمة عنصرية مقيتة تجاه اللاعبين غير البيض.
عودة لما يحصل هنا في المغرب، لا إسم لردة المغاربة السريعة عن حب الفريق سوى نفاقا واضحا، وفجورا عند الغضب. خصوصا حين تطول الألسن لتنال من أعراض اللاعبين وأصولهم وحتى شكلهم.
فوز المنتخب لن يجعل من الجامعة مثالا للشفافية، وخسارته ليست بالضرورة شرط لبدا المحاسبة والتمحيص في الميزانيات والمصاريف.
قد نسلم جدلا أن المنتخب فاشل لا يجيد الانتصار.
ماذا عن الآخرين الذين يمثلون الوطن في المؤسسات وفي الأحزاب؟
انتصار الوطن ومكانته بين الأمم لم يكونا أبدا مختزلان في كرة القدم.
المنتخبون في البرلمان فاشلون يطرحون أسئلة كشة هشة بجة، ولا يجيدون سوى الصراخ و تبادل ما يشبه الشتيمة والكلام الساقط.
النخبة فاشلة لم تنجح حتى في استبدال أحدهم اسمه لشكر، ناهيك عن توحيد اليسار الذي تحول ليسارات.
بلغة أكثر وضوحا: لا ديمقراطية، لا نخبة حقيقية، لا رياضة، لا تناوب، لا يسار، لا يمين.
في سلم الأولويات، فوز فريق كرة القدم لا يمكن ان يتصدر اللائحة إلا إذا كان كل شيء على ما يرام، والبلد يتربع بين الدول الناجحة السعيدة.
حين يصير هذا الفوز نقاشا عموميا يحجب معضلات التنمية وعراقيل الإصلاحات الموعودة منذ الاستقلال، فلا شك أن هناك خلل ما.
هنيئا لنا بعد كل هذا بما قرره اجتماع رئيس الحكومة بقادة الأحزاب: يجب التلقيح ضد كورونا.
أما اللقاح ضد الغباء والنفاق وضد تضييع فرص الوطن، فالظاهر أنه لا زال بعيدا جدا.