كرونيك

وزارة الدولة في اللقاح والجواز وشؤون الحجر الصحي

سنة 2025، تجاوز كل فرد الجرعات العشر بقليل، عليه ان ينتظر ثقوبا اكثر في جسده لمحاربة ما عرف أولا بالجائِحَة.

بالمناسبة، منذ 2022، تغير الاسم الى أولية الأوليات.

صارت الآن، عصى الرحى ومربط الفرس.اما الجواز إياه، فيتدلى الآن من رقاب الملقحين والملقحات، طوعا او قسرا، حين يغادرون العمل مباشرة لمنازلهم دون المرور عبر جلسات المقاهي أو ما شابه بعدما ارتأت الحكومة خطورة سلوكات قديمة وافكار متجاوزة حول حرية الفرد وحقه في التجوال ان اراد. في 2025، تابعت البلاغات” السقوط” مثل مطر خريفي، حتى أصبح لزاما أن يعلق المرء وثيقة اللقاح مثل تميمة تتدلى من عنقه ترى من بعيد، او مثل جرس تحركه خطوات كبش يقود قطيعا، تفاديا لكل ركل او صفع او ضرب، إن هو نسى او تناسى وسمه الحكومي.

ألا يستحق الضرب والرفس والركل لمخالفته التعليمات والبلاغات؟ والحديث هنا عن صاحب التميمة، لا عن الكبش طبعا.

المصلحة العليا فوق سلامة خدود قبيلة الملقحين والملقحات، وفوق حرمة قفاهم وفوق قدسية مزعومة لكل شبر من جسدهم المخروم بلقاحات كثيرة.

سنة 2025: بلاغات الحكومة تقول ان نسبة الشفاء وصلت الأن تسعة وتسعين من المئة، وأن الحكومة تسعى جاهدة لرفعها فوق المئة حفاظا على مكانة البلد بين الأمم.

لازال الكثيرون يموتون جراء أمراض تافهة معروفة، ولا زالت الحكومة تزعم ان هذه الامراض ومعها عاهات الفقر والغلاء، لا تستحق احصاء يوميا او حتى نصف بلاغ. هذه الامراض و مرضاها و موتاها تشوش على أولوية الأوليات،و قد تضيع مجهودا بدء و لا ينبغي له أن ينتهي. تستاهل أكثر. نعم،يتذكر الملقحون و الملقحات هذه الجملة.

قد نالوا فعلا أكثر، حتى التخمة.

مهلا، قد يختلط الأمر عليك عزيزي القارئ.

لست عرافا ولا قارئ فنجان.

لا نية ولا قدرة لي أبدا أن اكشف ما سيأتي به الغد.

كل ما في الأمر، أنني عاشق قديم لروايات الخيال العلمي. سنة 1949، نشر جورج اوريل روايته 1984.وهي معروفة عند معظم القراء لذا اراها مناسبة لأبرر قفزتي نحو 2025. في الرواية، وزارة الحقيقة مسؤولة عن الدعاية ومراجعة التاريخ؛ وعملها هو إعادة كتابة المقالات القديمة وتغيير الحقائق التاريخية بحيث تنسجم مع ما يعلنه الحزب الحاكم. يتلقى الموظفون في وزارة الحقيقة تعليماتٍ لتصحيح المطلوب، وتبيان الحقيقة بدلا عن التزييفات والأكاذيب.

أورويل استكشف مستقبلا مظلما وشموليا رهيبا. بعد سنين من صدور الرواية، لم تكن كلمات جورج مُخْطِئة تماما، ولا محقة تماما.

عودة إلى الواقع..

من حسن حظ البلد أن لا وزارة حقيقة في حكومة الثلاثة أحزاب، وأن سنة 1984 هي ماض قد انتهى، لن يعيده أيا كان مهما حاول.

أما 2025، فلكل واحد منكم ان يراها كما يسمح له خياله، شريطة ان يكون ملقحا “اختياريا” حتى وإن لم يشأ، حتى وإن كان رافضا.

آخر نبوءة: سنة 2030، وزارة اللقاح تصبح وزارة الدولة في اللقاح والجواز وشؤون الحجر الصحي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock