الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة:هذه هي الوصايا العشر للوزيرة الرميلي
لأول مرة في تاريخ المغرب، يتحقق هدف الربط الجدلي والمؤسساتي بين المنظومة الصحية ومنظومة الحماية الاجتماعية في حقيبة وزارية واحدة وموحدة كما هو عليه الأمر في العديد من الدول الديمقراطية والاجتماعية، تهدف الى تعميم التغطية الصحية الشاملة، كجزء لا يتجزأ من الحماية الاجتماعية، وتستهدف حصول جميع افراد المجتمع دون اقصاء أو اهمال على الرعاية الصحية الكاملة والخدمات الصحية الضرورية والجيدة، التي يحتاجون لها في الوقت المناسب، من وقاية وعلاج وتأهيل صحي ونفسي والرعاية الملطفة، دون التعرض لضائقة مالية، او تدفعهم لانفاق مدخراتهم او بيع ممتلكاتهم او اصولهم او اقتراض بسبب نفقات امراض مزمنة تؤدي الى الافلاس التام كما يقع اليوم بالمغرب حيث ان ملايين المغاربة يسقطون في الفقر المدقع، والفقر المتعدد الابعاد، بسبب الامراض المزمنة و نفقات العلاج واسعاره المرتفعة. (20 في المائة من الفقراء المغاربة يضطرون لبيع ممتلكاتهم وينفقون مدخراتهم للعلاج) يتعرضون للفقر ولتدمير مستقبل اسرهم ومستقبل ابنائهم بسبب ضعف نظام الحماية الاجتماعية وتخلف المنظومة الصحية.
لذلك، نعتبر ان المقاربة الجديدة والنهج الجديد المتمثل في ضم قطاع الحماية الاجتماعية ومؤسساته من صناديق التامين الصحي الاجباري عن المرض وصناديق التقاعد. الى قطاع الصحة في اطار منظومة اجتماعية متكاملة موحدة ومندمجة، باعتبار ان الحماية الاجتماعية قطاع مكرس لمعالجة اوجه الضعف والهشاشة الاقتصادية والاجتماعية المؤدية للمرض والفقر، وباعتبار انه لا يمكن لمنظومة الحماية الاجتماعية ان تعمل بصفة منعزلة، وتظل تحت وصاية وزارة الشغل التي تفتقر الى مقومات ومناهج الحماية الاجتماعية بمفهومها الواسع والشامل، حيث لابد ان يكون قطاع الحماية الاجتماعية جزء من نهج متكامل للخدمات الاجتماعية والصحية وعلى النحو الذي حددته المعايير الدولية والاكثر تداولا على المستوى الدولي، وفق مرجعيات حقوق الانسان وتوصيات منظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية خاصة توصية رقم 202 واهداف التنمية المستدامة لتحقيق التغطية الصحية الشاملة لسنة 2030 .
فبتوحيد هذين القطاعين في وزارة واحدة، وفي تدبير مندمج للصحة والحماية الاجتماعية، بمختلف مؤسساتها وصناديقها الاجتماعية: الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) والصندوق المغربي للتامين الصحي (CNOPS) والصندوق المغربي للتقاعد (CMR) وصناديق التقاعد الاخرى، هذا فضلا عن تعزيز دور الوكالة الوطنية للتامين الصحي كمؤسسة مؤطرة لنظام التامين الصحي الاجباري عن المرض… واهم مؤسسة للتأطير والمراقبة والتتبع لاحترام التعرفة الوطنية المرجعية ومعايير الجودة في العلاج والتشخيص …
وبشكل عام، يكون المغرب قد دخل فعلا عصر الحماية الاجتماعية والصحية بمفهومها الشامل والمندمج، مما يتطلب معه:
أولا: المراجعة الشاملة لقانون والمراسيم المنظمة لصلاحيات وزارة الصحية لدمج الحماية الاجتماعية، والوصاية على صناديق التامين الصحي والتقاعد ونظام التعويض عن فقدان الشغل؛
ثانيا: خلق مجلس اعلى للصحة والحماية الاجتماعية تشارك فيها كل المؤسسات والشبكات الصحية والمراكز الاستشفائية الجامعية وكليات الطب و التمريض ومؤسسات الحماية الاجتماعية ومختلف الفاعلين الصحيين والاجتماعيين بالقطاعين العام والخاص وشركات صناعة الادوية والصيدلة واللقاحات والتجهيزات والمستلزمات الطبية والقطاع التعاضدي وجمعيات حماية المستهلك وشبكات المجتمع المدني المهتم بالمنظومتين الصحية والاجتماعية وجمعيات المرضى، لبلورة ميثاق وطني للصحة والحماية الاجتماعية ووضع الاستراتيجية الوطنية لسياسة صحية واجتماعية مندمجة؛
ثالثا: وضع خطة وطنية فعالة لتنزيل المشروع المجتمعي الملكي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية على جميع المغاربة، وقانون الإطار وفق الاجندة 2021 -2025 وتعبئة الغلاف المالي الذي وجب رصده لتغطية نفقات الحماية الاجتماعية في الميزانية السنوية بداء بالسنة المالية 2022 لتعميم التامين الاجباري الاساسي عن المرض كمحطة اولى في المشروع المجتمعي الملكي، والرفع من ميزانية الصحة الى 10 في المائة، والغاء الضريبة على القيمة المضافة على الادوية؛
رابعا: الاصلاح المؤسساتي لصناديق التامين الاجباري عن المرض وصناديق التقاعد وخلق صندوق التعويض عن فقدان الشغل والاسراع بتوحيد الصناديق الحماية الاجتماعية من تامين صحي وتقاعد في صندوقين وطنيين لكل منهما والحد من الفساد والهدر، بهذه المؤسسات الاجتماعية؛
خامسا: اعادة النظر في الاستراتيجية الوطنية لمواجهة جائحة كورونا فيروس المستجد وتحقيق المناعة الجماعية، وفق المتغيرات والمؤشرات الجديدة في التمنيع الجماعي، وتخفيف حالة الطوارئ الصحية مع الزامية التباعد الاجتماعي واستعمال الكمامات الواقية والنظافة وتهوية اماكن العمل والسكن…؛
سادسا: الاعلان الرسمي عن اللجنة العلمية والتقنية ومكوناتها للراي العام الوطني لتلعب دورها كاملا خارج اللعبة والحسابات السياسية واعتماد لجنة علمية وأخلاقية مستقلة وذات صلاحيات وتضم مختلف الخبراء في مجال الطب والصيدلة وعلوم الفيروسات وعلم النفس وعلم الاجتماع وخبراء تدبير المخاطر والاستعانة بخبراء مغاربة العالم…؛
سابعا: اصلاح الاختلالات الكبرى والامراض الصحية التي خلفتها الادارة السابقة في تدبير الجائحة، وما لحق المستشفيات العمومية من انهيار وتدمير، والكشف عن مظاهر الفساد والصفقات المشبوهة الذي عرفها القطاع الصحي، طيلة الفترة السابقة؛
ثامنا: تحسين أوضاع الشغيلة الصحية بمختلف فئاتها المهنية بالزيادة في الاجور والتعويضات، وصرف مستحقاتهم المتعلقة بكوفيد- 19 ومعالجة الملفات العالقة كدوي سنتين في التكوين وتوظيف الأطباء والممرضين العاطلين، ومراجعة منظومة التكوين بكليات الطب والصيدلة وجراحة الاسنان وإحداث تغيير بمعاهد تكوين الممرضين وتقنيي الصحة وتحويلها إلى كليات التمريض والتقنيات الصحية على غرار اغلب دول المعمور وملائمة مناهج التكوين مع تطورات العلوم الطبية والتمريضية و التكنولوجيا الطبية والبيوطبية والرقمنة، والحد من الفساد الذي تعرفه العديد من المراكز الاستشفائية الجامعية كالمركز الاستشفائي الجامعي بالرباط، ومؤسسة الحسن الثاني للنهوض بالأعمال الاجتماعية لموظفي ومتقاعدي قطاع الصحة العمومي، واخضاع نفقاتها لمراقبة المجلس الاعلى للحسابات،
تاسعا: إعادة النظر في مشروع إصلاح المنظومة الصحية اللاممركزة، بخلق شبكات جهوية للصحة والحماية الاجتماعية (réseaux)، بدل النظام الفاشل للوكالات الصحية (agences) التي اريد تمريرها بسرعة دون استشارة الفاعلين الصحيين، وذلك لأغراض خاصة جدا؛
عاشرا: تشجيع الاستثمار في الصحية وخلق تواصل وتنسيق مؤسساتي بين القطاع العام والقطاع الخاص وصناعة الادوية والتجهيزات والمستلزمات الطبية، واعادة النظر في القانون الذي تم تمريره بخصوص توظيف اطباء من الخارج دون اعتماد التوجيهات الملكية في هذا الصدد والتي توصي بالاستفادة من الكفاءات والخبرة الأجنبية الصحية عبر فتح مزاولة مهنة الطب أمام الكفاءات الأجنبية، وتحفيز المؤسسات الصحية العالمية على العمل والاستثمار في القطاع الصحي بالمملكة، وتشجيع التكوين الجيد وجلب الخبرات والتجارب الناجحة، وليس توظيف اي كان حسب مضمون القانون المخجل الذي تم تمريره بسرعة، خاصة أن بلادنا اصبحت تتوفر على عدة كليات للطب والتمريض، لها حق الأسبقية في التوظيف والادماج، في اطار نظام اساسي جديد متقدم لموظفي وموظفات قطاع الصحة،
انها مسؤوليات واسعة ضخمة متعددة ومتباينة، تنتظر الدكتورة الرميلي نبيلة بجانب مسؤولياتها الجماعية بترأسها عمادة الدار البيضاء الكبرى وحاجياتها ومتطلباتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية وانتظارات ساكنتها، لإخراج البيضاء من براثن المشاكل المعقدة والمزمنة،
كما ان عليها مسؤوليات تحقيق اهداف الثورة الاجتماعية المغربية التي أرسى أسسها جلالة الملك والهادفة الى تحقيق تعميم الحماية الاجتماعية ومن خلالها العدالة الاجتماعية وضمان كرامة المواطن المغربي كهدف أسمى، والحماية ضد المخاطر.
ولا يمكن ان يتحقق ذلك دون المراجعة الشاملة لمخلفات الادارة السابقة التي فشلت في تدبير القطاع الصحي واسقطته في براثين الضعف والرداءة. عليها بفريق عمل من الكفاءات الصحية ومن مؤسسات الحماية الاجتماعية بما فيه كفاءات وخبراء القطاع الطبي والصيدلي الخاص، والاستفادة من التجارب الناجحة ككندا وألمانيا والدانمارك على سبيل المثال لا الحصر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــت
علي لطفي
رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة