لماذا التصويت ضد العدالة والتنمية يشكل أولوية؟
نعلم جميعا مدى البؤس والترهل الذي لازال يعيشه المشهد السياسي منذ سنوات، وأن غالبية الأحزاب أصابها وباء الفساد والتشرذم وانعدمت فيها الممارسة الديمقراطية السليمة، وهذا بالطبع نتيجة الهجومات والحملات التي تعرضت لها الاحزاب الوطنية وعدد من الشخصيات والزعامات السياسية الشريفة، ولذلك من أجل تنفيذ مخطط تبخيس ممارسة العمل السياسي، وإضعاف الأحزاب الحقيقة، ذات الشرعية التاريخية والوطنية، والتي تؤمن بالمبادئ الانسانية، والتي كانت تحمل مشاريع اجتماعية واقتصادية، في صالح المواطن والوطن
من أجل إنجاز مهمة الحرب الخبيثة هذه، كان لابد من اللجوء، على الأقل، إلى آليتين مدمرتين: الأولى هي الاستفادة من خدمات فرع الإخوان بالمغرب، المتمثل في حزب العدالة والتنمية، حيث تم دعمه مقابل أن يتكلف بمهمة الهجوم على جميع حركات اليسار المغربية وإضعافها، عبر جميع الوسائل، من تكفير وتشهير بالفساد، وترويج للإشاعات بدء من الجامعة المغربية، ووصولا إلى التنظيمات السياسية والنقابية، اما الأداة الثانية فقط كانت هي إنزال ما سمي زورا بالصحافة المستقلة ، و التي أدت نفس المهام، وكانت مرتبطة بمراكز البحث والإعلام الإخوانية خارج المغرب، ومرتبطة بجهات غربية وبقوى داخلية مناهضة للتغيير .
العدالة والتنمية الذي استغل مطالب حركة عشرين فبراير، واستغل مجيء “الربيع العربي” تمكن من الانحراف بمصير المغرب عن طريق التغيير وهدر جميع الفرص المتاحة آنذاك، وأجهض جميع محاولات وفرص تحقيق الديمقراطية كاملة، وأوقف مسار الإصلاحات التي دشنتها حكومة التناوب في عهد عبد الرحمن اليوسفي.
مشروع العدالة والتنمية هو مشروع يراهن، من أجل تحقيقه، على التفقير والتأزيم، حتى يتسنى للتنظيم ممارسة جميع أشكال المكر والمتاجرة بالدين عبر استغلال المآسي الاجتماعية والفقر والجهل والأمية، وقد كانت خطته ترمي إلى تبخيس دور الأحزاب والممارسة السياسية، ليحل محلها نسيج الجمعيات الدعوية والخيرية الانتهازية.
مما لا شك فيه أن العدالة والتنمية لم يحمل قط مشروعا مجتمعيا وطنيا، بقدر ما استفاد عبر استنساخ بعض من خطابات اليسار التي تحارب الفساد وتدعو إلى التوزيع العادل للثروات، لتمتزج مع ما ينتجه دراعه الدعوي، في انتظار الهيمنة الكاملة على المجتمع المغربي، في أفق تحقيق أجندات التنظيم الدولي للإخوان.
لقد عطل حزب العدالة والتنمية مشاريع الإصلاح والتنمية وأضاع على البلاد أكثر من عشر سنوات، كانت كافية ليعشعش فيها الفساد، وليتمدد في جميع الجيوب التي خلفتها حروبه ضد الأحزاب والبنيات الاقتصادية والاجتماعية والمدنية.
لقد اتضح، لكل من غابت عنه الصورة والتاريخ، أن مشروع العدالة والتنمية هو أحد المشروعات التخريبية والاستعمارية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
حزب العدالة والتنمية هو أداة ابتزاز، توظفها قوى دولية ضد المغرب خاصة، لتحقيق مصالحها والمحافظة عليها، ومصادرة حق المجتمع في التحول نحو الحداثة والديمقراطية، ويكفي أن ينهزم التنظيم، أو يستشعر أي خطر أو مواجهة سياسية، إلا وستجده يلتحف لباس الضحية، ليطرق أبواب السفارات، مستنجدا، ومشتكيا من المظلومية.
لذلك، فإن العدالة والتنمية يشكل خطرا على مستقبل البلاد، ويهدد الديمقراطية والحقوق المدنية وجميع مشاريع التنمية، وبالتالي فإن بالتصويت ضد العدالة والتنمية، ستتعزز فرص محاربة الفساد داخل أعشاش الدبابير، وداخل جميع المؤسسات، وداخل ما تبقى من أحزاب سياسية، والتي غالبا ما وظفت واستغلت القضية الإخوانية بالمغرب، وما خلفته من ازمات، لتعيث فسادا، تحت ذريعة محاربة الإخوان… !!!