العيد للأولين وللآخرين.. وكل عيد وأنتم بخير…!
للعيد طقوس لا بد منها. إن غابت الطقوس، غاب الفرح واستوطن القلب حزن قد لا يرحل بسهولة.
حزن الأعياد ليس كمثيله في الأيام العادية.
مشاغل الأيام الرتيبة تعبر مثل مسافر وحيد يغادر القطار الأخير عند انتهاء النهار، فلا ينتبه إليه أحد ولا يسأل عن يومه سائل أبدا.
يحمل ما يحمل في دواخله و ينصرف راضيا او مهموما أو متعبا.
يوم العيد مختلف. يحل بعد انتظار وترقب.
يترجل من سلم العمر مثل نجم سينما فوق سجاد أحمر.
صور للذكرى.
حلوى خاصة.
ملابس جديدة ورائحة عطر تملأ البيت قداسة وصوفية.
يشبه يوم العيد قيامة صغيرة حين يبحث الناس عن صلح وهمي مع آخرين وأخريات ومع أنفسهم بمبرر العيد.
كأنه نهاية العالم، أو ربما بداية جديدة.
يوم العيد يحضر الغائب والمغيب معا، يجثمان فوق كؤوس الشاي وفوق الحلوى وفوق قلوب الحاضرين المحتفلين بدونهما وفي ذكراهما.
الفقد يُبْكِي .
هي لحظات لن تعود أبدا، كل منى العيد ما هي إلا أطلال ماض اندثر وتآكل بفعل النسيان.
من حق البعض أن يكره أيام العيد، فالجرح إذا التأم، لا يزيد تحريكه إلا إيلاما لصاحبه.
ومن حق من يتلهف للعيد أن يفرح أيضا، وأن يسأل في كل حين عن تاريخه المرتقب.
“قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ” سورة المائدة، الآية 114.
العيد للأولين وللآخرين. وهو للأحياء حين يتذكرون الأموات، وللغائب قبل الحاضر.
مرة أخرى، يحل العيد وأطفال اليمن يبحثون عن كسرة خبز وعن سقف أمان حرمتهم منهما بنادق القتل وحمى تنافس مذهبي وإقليمي مقيت.
في فلسطين الجرح أكبر من أن يوصف، والعيد أَهَلِّ استثناء في ابتسامات نصر رائعة تواجه الهمجية والعنصرية.
من خارج طقوس العيد، بوح يعاكس النوستالجيا الحزينة وفيض تفاؤل لا يمل ولا يكل:
كلمات حب واجبة وباقة ورد ملونة فواحة، وكل عيد وأنتم بخير.