ثلاث نقابات تشل قطاع البريد بالمغرب
توقفت حركة المعاملات البريدية بالمملكة منذ أسبوعين بسبب إضراب وطني شنته ثلاث نقابات مغربية هي: الإتحاد المغربي للشغل، الفدرالية الديمقراطية للشغل، والكنفدرالية الديمقراطية للشغل
وتتلخص مطالب هذه النقابات في أربعة مطالب هي:
-احترام الحريات النقابية
– تنفيذ الزيادة الحكومية
– تغطية الخصاص المهول في العنصر البشري
– المطالبة بتقاعد يحمي ويصون كرامة البريديين والبريديات.
وقد اجتمعت هذه النقابات الثلاث التي تنتمي لأطياف حزبية مختلفة تضم اليسار واليمين وأطياف أخرى، على هذه المطالب التي تبدو بعضها منطقية وبإمكان الإدارة توفيرها خاصة فيما يتعلق بالعنصر البشري، حيث نلاحظ خصاصا كبيرا في عشرات المكاتب البريدية، إذ يقوم موظف واحد بكل الأدوار، فهو مدير إداري ومكلف بتنفيذ كل المعاملات البنكية والإرساليات وتتبع الحسابات وفتحها إلخ.. وهو ما يعتبر فوق طاقة البشر.
على سبيل المثال بوسط الرباط يقع مكتب بريد شالة توجد به موظفة واحدة تسهر على تنفيذ كافة المعاملات، لمئات المواطنين الذين يتقاطرون يوميا على هذا المكتب البريدي الذي يوجد وسط العاصمة، بينما البريد الرئيسي بنفس المدينة يعرف حركة اكتضاض شديدة مما يجعل المواطنين يقفون في طوابير خارج بناية إدارة البريد الرئيسي وأغلبهم يقفون ساعات ثم ينصرفون دون قضاء حاجاتهم، أما الذين يدخلون البناية بعد السماح لهم بذلك فقد ينتظرون أيضا ساعات طوال خاصة في مصلحة الإرساليات التي توجد بها موظفة واحدة فقط، أنهت خدمتها منذ سنوات لكنها عادت من باب العمل (بالعقدة) وهي مكلفة بالمراسلات البريدية وأضيف لخدمتها إرساليات أمانة، وطبعا هذه الموظفة مع الأسف الشديد تعطي أولوية خاصة لخدمات أمانة بينما تتجاهل الخدمات الأخرى، وكان حري بالإدارة أن تفصل بين خدمات أمانة وبقية الخدمات الأخرى..
هذا غيض من فيض في العاصمة الرباط فما بالك بالمدن الصغيرة والقرى والأرياف؟
إذا أخذنا على سبيل المثال لا الحصر، ثلاثة مكاتب بريدية في منطقة إقليم تاونات شمال المغرب (أورتزاغ وتافرانت وتبودة) نجد أن هذه المكاتب تحقق في تعاملاتها الملايين من الدراهيم يوميا، لكن هناك موظف واحد يشتغل.. بكل مكتب من هذه المكاتب، فيقوم بمهمة المدير والموظف والحارس أحيانا، فبالإضافية للمهام المذكورة سلفا تضاف لكل مدير بهذه الوكالات الثلاث مهام أخرى مثل (التيسير) أي أداء رسوم التلاميذ الممدرسين وهي مساعدة تقدمها الدولة للتلاميذ في وضعية صعبة، بالإضافة لما عاناه هؤلاء طيلة الشهور الثلاث الأولى من بداية أزمة كورونا، حيث قدمت الدولة مساعدات مالية لبعض المواطنين.
تبدو مطالب البريديين عادلة جدا فيما يتعلق بالعنصر البشري وأداء الزيادة التي أقرتها الحكومة للموظفين بريديين وغيرهم، وتتلكؤ الإدارة في صرفها، ناهيك عن عن عدم تعويضهم على الخدمات الاستثنائية في بداية أزمة كورونا.
منذ السابع من يناير الجاري 2021 والخدمات مشلولة في كافة وكالات ومكاتب البريد باستثناء بعض الخدمات البسيطة، حيث بالعودة للرباط فإن المكتب الرئيسي يشتغل به موظفان أو ثلاثة فقط.
تكبد بريد المغرب وملحقاته مثل بريد بنك خسائر بالملايير وتعطلت مصالح الناس الذين لم يتعودوا على اللجوء للقضاء في مثل هذه الحالات للمطالبة بالتعويض عن الخسائر التي يتعرضون لها جراء معاماملاتهم البريدية والبنكية، خاصة ممن تتوقف مصالحهم الحيوية على هذه الخدمة.
يبدو أن الإدارة العامة للبريد والبريد بنك تصم آذانها لحد الآن، وإذا استمرت الحركة مشلولة في هذا المرفق الحيوي الهام فقد يضطر المواطنون للانتفاض وقد تحدث مشاكل بالبلد لا قدر الله قد تتسبب فيها إدارة البريد، وبطبيعة الحال تتحمل الحكومة بكافة أطيافها المسئولية فيما يجري الآن وما قد يحدث غدا..
مطالب البريديين مشروعة، ويمكن التفاوض على الأساسي منها، أما صم الآذان فهي سياسة عرجاء وخرساء وعمياء.
ملاحظة: الإضراب مرفوق بعدد من الوقفات الاحتجاجية طيلة مدة الإضراب المفتوحة..