سيدتي الجميلة، في وداعك أقف بخشوع وإجلال، مطأطأ الرأس، احتراما لجبروتك وتسلطك، وعرفانا لك بدرسك البليغ.
لا شيء أبدا كان ينذر بالعاصفة يوم ميلادك.
انصرفت سنة 2019 بعد أن استخلفتك فينا بمراسيم بسيطة، لا تختلف في تفاصيلها عن سابقاتها.
هنا وهناك، اجتمع المودعون، داخل الكنائس، في مراقص الفنادق، في دفئ البيوت، وفي الساحات العامة.
صلى البعض للخالق، واحتفل البعض الآخر بالنبيذ أو بالحلوى أو بهما معا.
ثم حللت يا صاحبة الجلالة سنة 2020.
عرف الناس قبلك الحرب، وصوت قذائف المدافع والطائرات وهي تهدم البيوت على رؤوس أصحابها، كما جربوا الزلازل المدمرة التي تمحوا مدنا بأكملها من خريطة العالم.
فالحروب والزلازل والتسونامي أحداث مرعبة وقاتلة.
أما أنت أيتها العزيزة، فقد اخترت من الأسلحة أصغرها حجما على الإطلاق، وأسهلها عبورا للحدود.
اخترت أن تحاصري الدنيا وأنت متحالفة مع فيروس اسمه كورونا، أو الفيروس التاجي.
توجت حليفك الصغير ملكا علينا.
أمر القادم من الصين أن تقفل الحدود وأن ينتهي السلام والكلام والعناق.
وهكذا كان.
أنت سنة لا تحب السفر.
لا تحب السياح.
لا تحب المهرجانات.
لم يبقى من موازين،و تيميتار و غيرهما من المناسبات الفنية سوى الإسم.
حتما، أنت تكرهين التجمعات والأعراس والحفلات.
مكثنا داخل منازلنا نأمل أن تمر ايامك بسلام.
أما أنت فكان شغلك الشاغل حصد الأرواح.
أنت يا سيدتي سنة الموت و الفراق بكل امتياز.
مع ذلك، ورغم كل قسوتك، أتوجه إليك بالشكر.
تعلم الناس بفضلك اكتشاف النعم التي تحيط بهم دون ان ينتبهوا اليها يوما.
يوما ما سيرحل من نحب، دون استئذان، ودون وداع.
كل لحظة من العمر تعني الكثير.
اغتنموا ما تبقى من العمر لتضموا من تحبون إليكم.
متعة اليومي،لقاء الأصدقاء،جولة المساء جنب البحر،طاولة السمر الرمضانية و غيرها،اشياء لا تباع و لا تشترى. هي إشراقات السعادة و ومضات السكينة و الحب.
هكذا تحدثت سنة 2020.
و لأن الموت عادل،نطلب لك الرحمة أيتها السنة الغريبة و انت تصلين شهرك الأخير،و نطلب الرحمة و المغفرة لكل من غادرنا.
تحية تقدير كذلك لمن عبر 2020 بسلام.
و كل عام و أنتم بألف خير.
