شعب لا يستحق الحياة…!
منذ مدة، يتجول الموت بيننا متربصا بالأحباب والأصدقاء والمعارف.
رغم تعدد أسباب الموت وحتميته، يترافق كل نعي حزين بالحسرة والألم.
الرحيل الأخير مفجع أبدا.
منذ شهور، حذر بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا، مواطنيه والعالم، عبر جملة صغيرة رهيبة:
استعدوا لفراق من تحبون.
أمام هذا السيل المفجع من الضحايا، تسيطر حالة نفسية خاصة على المغاربة.
منهم المتأمل بثبات وحكمة في ما يقع، معتبرا أن الموت هو قضاء وقدر.
هناك الغاضبون الدائمون، الذين يحملون طرفا معلوما مسؤولية القبور المفتوحة.
ثم هناك فئة ثالثة من اللامبالين.
هؤلاء يرددون عند كل مناسبة، إن ما يهم هي لقمة عيش ممكنة، اما الموت فلا شك أنه أهون بكثير من فقدان العمل وتوقف مصدر الرزق.
مرة أخرى، ننظر في اتجاهات الشمال والغرب البعيد.
هناك، عداد الموتى يحسب يوميا بالألاف.
في الفلسفة، نيتشه لم يكتف بموت البشر، بل كتب أيضا عن موت الإله.
في كتاب «العلم المَرِح» الذي نُشِر عام 1882، كتب الفيلسوف:
“لقد مات الإله. ونحن الذين قتلناه. كيف لنا أن نعزي أنفسنا ونحن قتلة؟”
أما نحن، فقد قتلنا من زمن طويل أشياء عديدة،غير إله نيتشه.
قتلنا العائلة حين تحولت فجأة إلى علاقات متشنجة وهلامية لا معنى لها، ولم يعد يجمع أفرادها سوى الجنائز، في سخرية مريرة من الموت نفسه، الذي صار موعد لقاء بعد إن كان موعد فراق.
قتلنا الانضباط وحب الوطن.
هكذا، تجاوزنا بكثير موطن الداء، الصين.
فشعب الصين طبق بكل صدق إجراءات السلامة ومخططات التباعد، فهزم الفيروس.
أما معظمنا فلا زالت كمامته تتدلى تحت أنفه مثل زينة، لا غير.
قتلنا الإنسانية، عندما اختفت الأدوية من الصيدليات، ورفعت المصحات الخاصة كلفة العلاج لتصير منتوجا ربحيا صرفا، وترف لا يطاله غير الأغنياء.
ماذا بعد؟
إن لم يصنع منا كل هذا الحزن، وكل هاته الحيرة بلدا أفضل، فعلينا أن نعترف بحقيقة أكثر مرارة من الموت:
نحن شعب لا يستحق الحياة.