لم تنته المعركة يوم 18 نونبر 1956…!
كلما حل موعد الاحتفال بالأعياد الثلاثة المجيدة، تسلل سؤال صغير إلى ذهني.
ما الوطن؟
شمس الصباح على ستارة نافذة تطل على الشارع الفارغ، إلا من قطط تتسكع بحثا عن فطور دسم.
لا صوت رصاص مجلجل أو هدير طائرات حربية يمنعانك من النوم، ولا خوف ولا وجل.
في البعيد، على حافة الخريطة، يتناوب رجال مسلحون ويقظون على حماية كل حب رمل، كل نبتة شيح، كل شجرة، كل سقف تحته بشر، ممن قد يتربص بهم أو بباقي الوطن.
الوطن، إذن، أمان وطمأنينة.
الوطن هو أصوات جوقات الفرح تعزف اسمه، من كراسي المقاهي، من شرفات المساكن، وتهتز مرة واحدة على وقع هدف في مباراة كرة قدم.
الوطن فخر واعتزاز بأبناء وبنات الوطن.
الوطن سرير في المستشفى لمريض يتألم وطبيب وممرض يشتغلان بتفان لضمان الشفاء والراحة له ولكل المرضى، أينما كانا..
الوطن مقعد دراسة وفرصة عمل.
الوطن جواز سفر وبطاقة هوية.
وفوق هذا وذاك، الوطن كرامة.
يوم حمل علال بن عبد الله سلاحا متواضعا وهاجم دمية فرنسا بن عرفة، لم يكن يطالب لا بشمس صباح هادئة ولا بمستشفى ولا بمدرسة.
بل كان يقاوم من أجل الكرامة، ومن أجل الاستقلال.
فمن لا يملك بره وبحره وسماءه، ليس حرا ولا يستحق العيش الكريم.
رحل المستعمر، أما أعداء الوطن الأخرين، فيستمرون بيننا: الجهل، الفقر، الظلم والتهميش.
لم تنته المعركة في الثامن عشر من نونبر سنة 1956، بل بدأت فقط.
الطريق طويل والمهمة شاقة.
“إن مهمتنا الأساسية في عهد الاستقلال هي بناء مجتمع جديد يحقق الرفاهية والسعادة والازدهار الفكري لجميع المواطنين..”
المهدي بن بركة (1920 – 1965)