عودة إلى ما سأتقاضاه ثمنا لما أكتبه عن حزب العدالة والتنمية
أعتقد أنني على وشك جمع ثروة صغيرة، بعدما علمت أن كل من ينتقد حزب العدالة والتنمية يتلقى المال، جزاء لصنيعه، حسب أحد نواب الحزب بالبرلمان.
أعترف أنني ممن يشيرون، بين الفينة والأخرى، إلى شطحات قادة هذا الحزب الذي يقود الحكومة منذ 2011.
أستحق إذن أن يدلني عضو الحزب المعني وصاحب التدوينة “الغامضة” على شباك الأداء كي أسحب مالي.
والحقيقة، إن مهمة انتقاد الحزب سهلة وفي متناول أي كان.
الحزب لا يجيد التدبير، وأعضاه ؤينتقلون من هفوة لأخرى مثل دبور يبحث عن الرحيق بين الأزهار.
من أزقة الدائرة السادسة عشر بباريس إلى قصة مستخدمي مكاتب المحاماة وصندوق الضمان الاجتماعي، تشكل حركات وسكنات القياديين البيجيديين صيدا سهلا لكل متتبع.
ربما يعتقد صاحب التدوينة التي تتهم مجهولين بمهاجمة الحزب ومجهولين آخرين بدفع مقابل مادي لهم، أن الحزب مثالي وأعضاءه منزهون عن الخطأ.
أما أنا فعندي اليقين أنه لا يملك ما يكفي من الشجاعة لتسمية من يقصد كما أفعل ويفعل من يرى حقا أنه ينير الرأي العام بمعلومة أو بتحليل.
حين يكتب هذا السياسي المحترم، خمس جمل بلغة مخلوطة بالعامية، دون تمحيص، وبكلمات فضفاضة يخلط فيها الحابل والنابل ويزرع الشك والبلبلة في ذهن القارئ دون أن يفصح عن ما يريد قوله، فما يفعله لا يعدو أن يكون كلاما فارغا دون مضمون ولا مصداقية.
يقول مثل أفريقي بليغ: إن من يتسلق أشجار جوز الهند، عليه أن يتأكد من نظافة ملابسه الداخلية.
يجمع البعض بين تعويضات مهمة من مال دافعي الضرائب، ليفوق دخلهم الشهري راتب وزير، ثم يتباكون وينوحون دفاعا عن الشعب وعن الفقراء.
من يحب الفقراء لا يلتهم أموالهم مثل جائع متلهف.
إن تعدد التعويضات من المال العام هو الارتزاق،و من يستفيد من هذا الامتياز هو المرتزق.
إن انتقاد اليمين واليسار والإسلاميين الخضر والملونين، عمل من صميم حرية التعبير وحق مكتسب لا تراجع عنه.
يحكى والله أعلم، أن انتخابات 2021، هي ما سيقرر في مصير الحزب. إن كان الحزب سيسقط، سيكون ذلك بسبب رغبة الناخبين في التخلص من سياسته الحربائية التي تجيز الأكل مع الذئب والبكاء مع الراعي.
أما تدوين المدونين، وموسم المطر في الغابات الاستوائية، وكل الأعذار الواهية، والأعداء الوهميين، والتماسيح والعفاريت والصراصير، فلا علاقة لها بفشل تدبير الشأن العام ونكث الوعود وخذلان الطبقة الوسطى.
عودة إلى ما سأتقاضاه من مقابل ثمنا لما كتبته اليوم عن حزب العدالة والتنمية، أستعد أن أتبرع بالمبلغ كاملا غير منقوص لشخص ما، مجهول هو الأخر، لم يستطع أن يكمل إصلاح بيته وتوقف عند المطبخ والصالون من ورعه وترفعه عن المال العام.
في انتظار رنين الدراهم الموعودة، فليتقبل مني صاحب التدوينة قولة صغيرة للتأمل والتفكير:
“السياسة هي فن منع الناس من التدخل فيما يخصهم.”
بول فاليري
فيلسوف، شاعر (1871 – 1945).