مي نبيلة منيب… كورونا… والمؤامرة
يظن بعض السياسيين أنهم دائما على حق حين يجلسون في موقع المعارضة. هؤلاء يشبهون الناقد الأدبي الفاشل حين يحترف تقييم أعمال الأخرين بتهور واستخفاف، رغم أنه لا يؤلف ويبدع ولا يملك أية موهبة.
هناك فعلا إغراء ذهني شديد عند ممارسي المعارضة لمهاجمة كل شيء تقوم به الحكومة. وقد يزداد كلما كانت القرارات مرتجلة وبلا فائدة.
في كل الأحوال، لن يتحمل المعارض عواقب قرارات الحكومة، فقد اتخذها غيره.
هو اذن في مأمن من المحاسبة.
لا يملك المعارض سوى مرافعاته ومواقفه المعلنة وصوته لمواجهة الحكومة.
بيد أن أعضاء الحكومة ملزمون، في كل الظروف، بالمبادرة في اتجاه ما.
عليهم أن يتوقعوا نجاحا باهرا أو فشلا ذريعا.
يستحق اليسار المعارض في المغرب احتراما كبيرا. فقد جمع بين صفوفه مناضلين وقياديين من طينة فريدة.
مارس جلهم المعارضة عن قناعة وبعيدا عن أية تطلعات للاستفادة من منصب ما أو من كرسي سلطة مريح .
من الصعب أن يقاوم أيا كان إغراء السلطة وما تمنحه من امتيازات تكاد تكون خيالية.
وجب إذن أن نقف احتراما للأحياء من وجوه اليسار، أمثال سي بنسعيد آيت ايدر، وأن نترحم على من فارق بعد مسيرة طويلة، وأحيانا مؤلمة وشاقة من أجل أفكار اليسار ومن أجل تنوير الشعب، منذ عبد الله ابراهيم إلى اليوسفي، مرورا بعلي يعتة وبنجلون وبوزبع… وهي لائحة غير حصرية، فالعدد كبير والشرفاء المجهولون من المناضلين العاديين أكبر من أن يسعه هذا الهامش الصغير.
كان اليسار، ولازال، صاحب رسالة حداثية وتنويرية.
لكن حتى حين تنتمي للمعارضة اليسارية، فهذا لا يجعلك تنطق بالحقيقة المطلقة. بل عليك أن تحتاط أكثر وأنت تصرح بقناعاتك، لأن جزء غير هين من المغاربة يعول على حزبك المعارض لتغيير أمور كثيرة، ويثق بما تقول من موقع المعارضة.
أفهم لماذا هاجمت مي نعيمة الدولة وأنكرت وجود مرض كوفيد19.
مي نعيمة ليست أستاذة جامعية، ولا تحمل لقب دكتوره.
هاتان صفتان تلزمان صاحبهما بالرزانة الأكاديمية ودقة استعمال اللغة وتصريف المعلومات والتصريحات.
كان القضاء سريعا وحاسما في لجم اليوتوبرز مي نعيمة. لا مجال لخرق قانون الطوارئ الصحية، فالمعركة لا تتحمل التشكيك والتبخيس. إنها فعلا مسألة حياة أو موت.
صرحت نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد والدكتورة في البيولوجيا، أن كورونا مؤامرة وأن اللقاح ما هو إلا لعبة للقوى الكبرى.
ما هذا الكلام غير المسؤول!؟
هل يستقيم أن يصطف اليساريون المثقفون التقدميون وراء مي نبيلة منيب؟
مرة أخرى وأخيرة، مقعد المعارضة لا يعفي من المحاسبة، وليس مكانا يسمح لأصحابه بقول ما يشاؤون من تفاهات.
استثناء، هذه المرة أختم الرسالة بقول مأثور للفقهاء، فربما تفهمه مي نبيلة.
“من قال لا أدري، فقد أفتى.”