طرف مجهول يرقص على ظهورنا….!
لا يهمني من ترقص على ظهر يخت أو حتى على ظهر بغل.
فلترقص كما تشاء، ولمن تشاء.
ما يهمني حقا، هو انتشار فيديوهات وصور على شاكلة ما يروج الأن، كلما اشتد النقاش العمومي حول قضايا تهم الناخبين ودافعي الضرائب .
ما إن يرتفع الايقاع، إيقاع النقاش طبعا، إلا وخرج علينا طرف مجهول بتفاهات أو أشياء تهم حياة الناس الخاصة.
رغم سخافة وسطحية نظرية المؤامرة، فالأمر يتعدى محض صدفة أو تزامنا بريئا للأحداث.
يحدث هذا والبلد يتخبط في معضلات كبرى، تبدو صعبة الحل أو بتفاؤل حذر، جد معقدة .
يستمر ارتفاع عدد ضحايا كوفيد، يوما بعد يوم.
يقترب موعد عودة التلاميذ إلى لمدارس، دون أن يفصح وزير القطاع عن خطته للدراسة الآمنة.
تنشغل الطبقة السياسية والإعلام والمتتبعين بأخبار التعيينات “الغريبة” في المجالس وقيمة تعويض المعينين المحظوظين.
يدور النقاش حول مردودية هذه المجالس وجدوى رصد الميزانيات السمينة لسيرها.
في ذات السياق، ينتظر المغاربة خلاصات اللجنة المكلفة بتقييم عمل وتدخلات مجلس المنافسة.
خارج حدود الوطن، أحداث كبرى ومعطيات جديدة تخلق أوضاعا تتطلب من البلد مواقف وتحالفات تحتاج لكثير من التفكير والحكمة.
في الخلاصة، لا مكان للتفاهات الآن.
ينتظر منا صغار العقول أن نترك جانبا كبريات القضايا وأشدها مصيرية للوطن، لننشغل براقصة….ترقص.
يوما ما، تحت قبة البرلمان وبينما التلفزة المحترمة تنقل وقائع اشغال البرلمان المحترم للمواطنين، لم يجد مجموعة من النواب المحترمين ما يشغلون به أنفسهم إلا قميص صحفية تغطي مجريات المساءلة الدستورية للحكومة.
فجأة، تحول البرلمان المعروف بسكينته وهدوئه، المساعدان على استرخاء ونوم مرتاديه، إلى هرج ومرج وصراخ واحتجاج.
ظن المشاهدون أن نواب الأمة أخذتهم حمية الوطنية، فثاروا ضد الحكومة لغلاء الأسعار وقلة الوظائف وندرة المستشفيات.
موضوع الجلبة لم يكن سوى احتجاجا ضد لباس الصحفية الذي اعتبره هؤلاء النواب “غير محترم”.
رحم الله أبو الطيب المتنبي. ترك للإنسانية بيتا جميلا عن الحماقة:
لكل داءٍ دواء يستطب به .. إلا الحماقة أعيت من يداويها
على الأقل، لا حرج على من ترقص لمبصرين.
من يستحق الشفقة هو من يبحث في جوهر الأمور ويتتبع ما يجري وقلبه على أوجاع الوطن، فهو كمن يرقص لجوقة عميان في الظلام.