غير مسدس كولت مجرى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. تقدم المستوطنون الأوربيون غربا بسرعة أكبر بفضله. المسدس الجديد يؤمن قوة نار رهيبة وغير مسبوقة لحامله. أصبح جزء من ترسانة الجيش الأمريكي في مواجهة قبائل الهنود الحمر، أصحاب الأرض والحق.
مخترع المسدس يدعى صامويل كولت. ولد بولاية كونيتيكت، واشتهر بالسلاح الذي يحمل اسمه.
يكمن سر نجاح المسدس في قدرته على إطلاق النار مرات متتالية دون حاجة لتلقيم.
لولا اختراع الكولت لما تجرأ الكثيرون عل الزحف غربا.
قبل انتشار الإنترنيت، لم يكن من السهل أبدا مخاطبة جمهور عريض من القراء أو من المشاهدين. تختار الجرائد الورقية بعناية نخبة مميزة لتفتح لها صفحاتها. أما عموم القراء فكان بإمكانهم مراسلة الجريدة للتعبير عن آراءهم أو انطباعاتهم وما شابه. طبعا، لا تنشر هذه المساهمات حتى تخضع لفحص دقيق وصارم.
تنطبق نفس المعايير على محطات التلفزة. هكذا كان الأمر في زمن ما. غير بعيد تماما ولكن يبدو أنه انتهى إلى غير رجعة.
جن جنون مي نعيمة حين صدر مرسوم الحجر الصحي. جلست أمام الكاميرا وصرحت بما تعرفون جميعا ثم قامت ببث منزلي يصل أطراف العالم. لم يخبرها أحد أنها تخالف القانون، فانتهت في زنزانة بعد أن حكم قاض بسجنها بتهم لم تسمع بها من قبل.
ربات بيوت شبه أميات فقدن بوصلة الحس السليم تتنافسن ببث مقاطع غريبة وسخيفة.
لن تحتاج لكثير من المال لكي تصل تسجيلاتك وتدويناتك إلى الناس. وحتى اذا كنت تملك دخلا بالملايين، فيمكنك أن تتواصل في بث مباشر من هاتف سائقك الخاص بتعبئة عشر دراهم لا غير. لا حاجة للصحافة والصحافيين.
الشيخ سار يعرفه الناس كما يعرفون مي فتيحة. يطل هو كذلك من هذا الإعلام الجديد الذي لا يشترط شيئا سوى جبهة عريضة ولسان طويل. خرج بفتوى أو نظرية جديدة قديمة حول النساء. فيها من الإساءة ما لا يمكن تقبله النساء المتعلمات “لا يصلحن للزواج”، حسب “صانع المحتوى” هذا.
ما يثير غضب الكثيرين، هو سهولة وصول التافهين إلى الرأي العام. بل وتحول نفر منهم إلى “مؤثرين” بعد استقالة ذوي الاختصاص.
تنسب لصامويل كولت قولة شهيرة. مسدس كولت جعل الجبان على قدم المساواة مع الشجاع.
أكيد أن الإنترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي كذلك، جعلت الجاهل والحاقد على قدم المساواة مع المتعلم والمتنور.
