التعليم عن بُعد كرس مفهوم التعليم الطبقي
هناك توطئة شهيرة لعمل إبداعي للراحل محمد شكري رحمه الله يقول فيها “لم تكن عندنا مرآة في الدار لأن لا أحد منا كان يريد أن يرى وجهه فيها”.
ليس عيبا أن نطور وسائل تعليمنا بالاعتماد على كل وسائل التكنولوجيا الحديثة، وإذا كانت جائحة كورونا وما ترتب عنها من فرض حالة الطوارئ الصحية وإغلاق المدارس فرضت التعليم عن بُعد باستعمال التكنولوجيا وهذا أمر جيد في هذه الظروف الصعبة ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة ماذا وفرت الدولة من وسائل وأدوات حتى يستفيد أبناء الشعب على قدم المساواة من حق الجميع في التمدرس؟
قطعا أن التعليم في المغرب هو تعليم فاشل وطبقي رغم كل المخططات والبرامج التي استنفذت الآلاف الملايير من المال العام بدون جدوى، لكن مع إغلاق المدارس واعتماد التعليم عن بُعد تكرس مفهوم التعليم الطبقي بشكل جلي وكشفت زيف كل الشعارات الرنانة.
ربما لا يدرك البعض أو لا يريد أن يعرف أن هناك الآلاف من التلاميذ ليس بإمكانهم متابعة الدراسة عن بُعد حتى يعفي نفسه من المسؤولية حتى لا يواجه مرآة مجتمعه، فهناك أسر لا تستطيع أن توفر الخبز لأطفالها – وهناك الآلاف من التلاميذ ليس بإمكانهم تعبئة رصيدهم بسبب فقر الأسرة – وهناك آخرين لا يمتلكون الهاتف الذكي أصلا – وهناك أسر لا تتوفر لحد الآن على جهاز التلفاز بل البعض في المناطق النائية لا يتوفر على شبكة الكهرباء، والمعضلة الكبرى أن شبكة الإنترنت غير متوفرة أو الصبيب ضعيف جدا، وهناك رب أسرة له ثلاث أطفال يدرسون في ثلاث مستويات تعليمية مختلفة فكيف إذن يمكنه التعامل مع هذا الوضع؟
لا يمكن الاستمرار في الكذب على الشعب خصوصا أبناء هوامش المدن والقرى والمداشر بالقول أن عملية التعليم عن بُعد تسير في الاتجاه الصحيح، فالتعليم عن بُعد بقدر ما كشف التفاوت الطبقي الخطير بين أبناء الشعب الواحد بمختلف المجالات وكذا حجم الوهم الذي كان يتم تسويقه إلينا عبر مختلف الوسائل كشف أيضا أن تعليمنا كان طبقيا وتكرَّس اليوم بشكل أكثر وضوحا، كما أثبتت شركات الاتصالات أنها شركات جشعة امبريالية ولا وطنية.
يجب علينا أن ننظر إلى المرآة بكل جرأة ونواجه حقيقة واقعنا مهما كان مزريا وفظيعا وألا نستمر في طمر رؤوسنا في الرمال في حين أن مؤخرتنا مكشوفة للجميع.