الوباء المعلوماتي في زمن كورونا
الوباء المعلوماتي ” infodemic” مفهوم جديدة يلقي بظلاله في القاموس و المشهد العالمي على مستوى المرحلة.
فالوباء هو المرض الذي ينتشر بسرعة ليغطي مساحة كبيرة في العالم بصفة شمولية، والوباء المعلوماتي الذي كان سابقا يسمى التلوث المعلوماتي فهو كمن نحاربه الآن و المتمثل في فيروس covid-19 فقط بالنسبة للأول معلوماتي صرف والثاني فيروسي بيولوجي خالص كما أكدته مؤخرا قبل شهر فقط منظمة الصحة العالمية على اعتباره وباء خطيرا إلى جانب اعتبارها الوباء المعلوماتي أخطر حتى نعطي للعلم حقه في هذا الصدد.
حيث أصبح العالم يعرف تدفق هائل و سيل ضخم للمعلومات نسبة هائلة منها (شخصيا أراها أكثر من 85%) معلومات غير صحيحة أو كاذبة أو مساء بضم الميم فهمها.
وهنا لا بد من الحديث عن من يحترف الصناعة الإعلامية بشكل احترافي لأغراض سياسية اقتصادية وإيديولوجية والهاوي الذي يوزع الخبر شمالا ويمينا دون أدرى قراءة سديدة ورافعا عنه التحليل الدقيق و السليم طبعا ففاقد الشيء لا يعطيه كما هي العادة.
فلا أخفيكم سرا أن ما كتبه إدوار بيرنايز عن التلاعب بالجماهير في إحدى مقالاته و الذي نهل علم النفس والاجتماع من مدرسة عريقة في هذا الصدد، يؤكد وبشكل ملموس عبر دراسة معمقة أن:
“التلاعب الواعي والذكي بالعادات المُنّظمة و بوجهات نظر الجماهير على أنه عنصر مهم في المجتمع. أولئك الذين يتلاعبون بآلية المجتمع الخفيّة يشكلون حكومة غير مرئية هي القوة الحاكمة الحقيقية لحياتنا”. ففعلا نحن محكومون عقولنا مقولبة، أذواقنا محددة، أفكارنا مُقترحة ، من قبل رجال لم نسمع بهم أبدا في كل عمل من حياتنا اليومية، سواء في مجال السياسة أو الأعمال التجارية، أو في سلوكنا الاجتماعي أو تفكيرنا الأخلاقي، حيث يهيمن علينا عدد قليل نسبيا من الأشخاص الذين يفهمون العمليات الذهنية والأنماط الاجتماعية للجماهير. إنهم هم الذين يتحكمون بحياتنا مثل العرائس التي يُتحكم بها بالخيوط وبالمحصلة فهي تتحكم في العقل العام، وهم الذين يسخرون القوى الاجتماعية القديمة ويطورون طرقا جديدة لإرضاخ العالم وتوجيهه ومحل القديم يحل طبعا الجديد هي قاعدة في إطار التطور التي تعرفه كل المجتمعات والدول.
وهذا ما يأثر في المرحلة وما نشهده من بروباكاندا إعلامية قوية بين كبريات الدول على المستوى السياسي والدبلوماسي وكذا الشركات العالمية و المختبرات المتخصصة في صناعة الأدوية و ما تسخره من إعلام يخلق ضجيجا بالمعمور. فعلا هي حرب المواقع البعيدة كل البعد عن ماهو إنساني إلا من بعض الخرجات لبعض الدول التي يراد منها ترتيب عملية الإصطفاف وما سيؤدي إلى تغيير في الخارطة السياسية لملامح العالم.
ومن الجانب الآخر فالوباء المعلوماتي يلقي بضلاله على مواقع التواصل الاجتماعي “Social media” ما لوحظ في الآونة الأخيرة وبشكل مرعب مع إعلان حالة الوباء كورونا حيث انتشرت الإشاعة والأخبار المغلوطة وأصبح من هب ودب يفتي يزبد ويرعد إذ وصل الحد إلى مرحلة الخروج غير المألوف على حالة الطوارئ الصحية أو الحجر الصحي الذي فرضته الدولة حفاظا على سلامة مواطنيها والسبب في كل هذا إن صح القول هو هذا الوباء المعلوماتي الذي انتشر عبر لايفات وتدوينات لأناس لا يستوعبون معنى الحياة، أضف إليه انعدام المواطنة والجهل المقدس للبعض إلى جانب من ينشرون التفاهة، هي معادلة يجب إستيعابها من طرف الجميع فالوباء المعلوماتي يزيد من تفشي الوباء العالمي ويعيق التدخل لوضع حد لهذا الوباء، و هنا ما علينا إلا أن نتعظ من الدول السابقة و الأمثلة كثيرة، أعتقد أنه إذا خرجنا من هذه الأزمة سالمين وبأقل الخسائر فسيكون الدرس عميقا وبليغا وإلى حدود كتابة هذه الأسطر فلا لا تخرج قبل أن تقرأ السطر الأخير.
كورونا وباء قاتل اجلس في منزلك ولا تقم بنقل معلومات مغلوطة إحم عائلتك ووطنك.