كورونا: 2020 مرشحة أن تكون الأسوأ لشركات الطيران
هل يكون عام 2020 الأسوأ لشركات الطيران العالمية بسبب انتشار فيروس كورونا؟ فإلغاء رحلات وتراجع عدد المسافرين والشحن الجوي قد ينذر بأسوأ أزمة لشركات الطيران في العالم، على الأقل، منذ الأزمة المالية العالمية عام 2009.
على شركات الطيران أن تتصرف وتتخذ قرارات سريعة تواكب تطور فيروس كورونا وانتشاره حول العالم، وكذلك التوقعات المتشائمة بالخسائر التي يمكن أن تتكبدها هذه الشركات هذا العام. فمجموعة شركة الطيران الألمانية “لوفتهانزا” أعلنت عن استمرار توقف رحلاتها إلى الصين حتى الرابع والعشرين من نيسان/ أبريل القادم وإلى العاصمة الإيرانية طهران حتى الثلاثين من الشهر نفسه.
قبل عدة أسابيع كان قطاع النقل الجوي في الصين فقط مهددا بسبب فيروس كورونا، لكن خلال أيام قليلة ومع الانتشار الواسع للفيروس، بات كل هذا القطاع حول العالم مهددا بمواجهة أزمة تعد الأكبر على الأقل منذ عقد من الزمن. وفي هذا السياق أعلنت مجموعة “لوفتهانزا” مثلا خفض عدد رحلاتها إلى إيطاليا بنسبة 40 بالمائة. وبما أنّ كل الأمور متربطة ببعضها وتأثيرها متبادل في قطاع النقل الجوي، فإنه يمكن أن يتراجع عدد الرحلات القصيرة والمتوسطة بنسبة 25 بالمائة تقريبا خلال الأسابيع القادمة. وفي ألمانيا فإن الرحلات الداخلية قد تم تقليصها، وهو ما لم يكن متوقعا حتى قبل أيام قليلة. وبالنسبة لشركة لوفتهانوا وبسبب الإجراءات الأخيرة، فإن عدد طائراتها التي توقفت عن الخدمة بسبب كورونا قد وصل إلى 23 طائرة من أصل 760 طائرة تسيرها الشركة عادة.
أعداد مسافرين في تراجع
توقع اتحاد النقل الجوي الدولي (IATA) في العشرين من شهر شباط/ فبراير الفائت، أن يكون التأثير الأكبر لفيروس كورونا على الخطوط الجوية التي تسير رحلات من وإلى الصين وداخل الصين. في حين كان الاتحاد قد توقع في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي أن يشهد قطاع النقل الجوي خلال عام 2020 نموا بنسبة 4,1 بالمائة، بينما تشير التوقعات الحالية إلى تراجع بنسبة 4,8 بالمائة في مجال نقل المسافرين حول العالم. وهذه التوقعات مبنية على أساس بقاء الصين بؤرة للوباء.
وعلق اتحاد النقل الجوي الدولي على ذلك بأن “هذا العام (2020) سيكون أكبر عام يشهد فيه قطاع النقل الجوي تراجعا منذ الأزمة المالية العالمية 2008/2009 وسيكبد ذلك شركات الطيران خسارة حوالي 29,3 مليار دولار”.
إحجام عن السفر
غالبا ما يتم مقارنة تأثير فيروس كورونا مع عواقب وباء سارس عام 2003 والذي بقي مقتصرا على منطقة المحيط الهادي في آسيا. ففي ذلك العام سجلت شركات النقل الجوي تراجعا بمقدار 5,3 بالمائة في وارداتها، لكنها بعد ذلك شهدت نموا سريعا خلال الأشهر الستة التي تلت الأزمة.
“هذه أسوأ أزمة منذ أزمة سارس أو حتى منذ هجمات 11 سبتمبر 2001. فالناس لا يرغبون في السفر ويفصلون البقاء في بلدهم مراقبين التطورات. فقد أصبح هناك شيء اسمه ثقافة الخوف” يقول براين سامرز، الخبير في شؤون النقل الجوي. لكنه يضيف بأن “الخبر السعيد هو أن شركات الطيران الآن في وضع أفضل مما كانت عليه خلال الأزمات السابقة وستتجاوز أزمة كورونا بدون اضرار”. فبعد هجمات 11 سبتمبر أعلنت الكثير من شركات الطيران الأمريكية إفلاسها أو اندماجها مع بعضها البعض. كما تأثرت شركات أوروبية كبيرة وقوية كالخطوط الجوية السويسرية كثيرا بتلك الهجمات.
بيد أن ذلك لا يعني أن شركات طيران كبيرة ومعروفة لم تتأثر كثيرا بالأزمة الحالية، مثل شركة “كاثي باسيفيك” في هونغ كونغ التي كانت قد عانت وتضررت كثيرا بسبب الاحتجاجات والاضطرابات التي شهدتها البلاد لأشهر عديدة، والآن 120 طائرة من مجموع أسطولها الذي يبلغ 200 طائرة جاثمة على الأرض، أي أن أكثر من نصف طائراتها متوقفة كما أنها ألغت 75 بالمائة من رحلاتها، وطلبت الشركة من موظفيها البالغ عددهم 27 ألف موظف أخذ إجازة غير مدفوعة لمدة ثلاثة أسابيع.
هل يستفيد قطاع الشحن الجوي من أزمة كورونا؟
أزمة وباء سارس عام 2003 أثرت على شركة الطيران “كاثي باسيفيك” بشكل كبير وأضعفتها كثيرا، رغم أنها الغت آنذاك فقط 45 بالمائة من رحلاتها وثلث طائراتها فقط توقفت، والآن أزمة كورونا التي يمكن أن تصيب الشركة في مقتل.
بروفسور آرنو شنالكه، أستاذ النقل في المعهد الدولي بمدينة بادهونيف في ألمانيا، يقارن أزمة كورونا مع أزمة سارس قبل 17 عاما ويقول “إن حجم التأثير الكبير لفيروس كورونا على قطاع النقل الجوي يذكرنا بأزمة وباء سارس، حيث تراجع عدد المسافرين جوا حول العالم آنذاك بنسبة 35 بالمائة. وحسب تطور الأزمة يمكن أن يكون عام 2020 أسوا عام لقطاع النقل الجوي منذ الأزمة المالية العالمية عام 2009”.
ولكن قطاع الشحن الجوي، قد يستفيد بعض الشيء من أزمة كورونا، مع تراجع حركة النقل البحري بسبب الأزمة. فشركة لوفتهانزا التي تعتبر الأكبر في أوروبا، قد عززت قطاع الشحن لديها وزادت عدد رحلاتها للشحن إلى الصين من 5 إلى 8 أسبوعيا، وهذا ضروي من أجل “المرونة في الاستجابة للطلبات الإضافية” تقول لوفتهانزا.
وهذا ضروري جدا، لأن “نصف عمليات الشحن الجوي تتم على متن طائرات الركاب، وبالتالي فإن تراجع عدد رحلات الركاب ينعكس على الشحن” يقول فروفسور آرنو شنالكه.
والمشكلة الرئيسية هي أن شركات الطيران، وبسبب عدم معرفة كيفية تطور أزمة فيروس كورونا، لا تستطيع التخطيط لرحلاتها وأعمالها بشكل مسبق. وليس هناك أمام المسافرين الآن سوى الانتظار والأمل وغسل اليدين جيدا، فالأقنعة لا تفيد المسافرين الأصحاء، حيث يتم تنقية الهواء باستمرار على متن الطائرات، يقول اتحاد النقل الجوي الدولي.
المصدر: الدوتشيه فيله عربية