وُعودٌ توقفت عندها، وعدا وعدا. دار دار، زنقة زنقة..
حدث أن يضرب العقل عن العمل، أن يعلن عصيانا مؤقتا، بعد أن يمل من محاولات فهم ما يقع في البلد.
أليس من حق العقول ان ترتاح هي أيضا من عبث الحياة، وتفاهة الوجود وقلة حياء السياسة والسياسيين؟
في انتظار أن ينهي عقلي احتجاجا أراه مشروعا ومفهوما، لي حق في تسلية بريئة هي مجرد تجوال بين أحداث متفرقة.
وهبي الذي يقود حزبا دون مكتب سياسي منذ المؤتمر الأخير، يطرد المهاجري صاحب أقوى التدخلات من أعلى منصة البرلمان.
نواب الأمة يتقاسمون مليارات السنتيمات بعد تصويت مثير للسؤال.
أخيرا، القنب الهندي نال اعترافا وطنيا بعد تصويت أخر غرائبي.
صوت نواب الأغلبية من البيجيدي ضد مشروع القرار الذي قدمته الحكومة، وتم التمرير بفضل أصوات نواب المعارضة.
فوائد القنب الهندي لا تعد ولا تحصى.
من باب التسلية دائما، يشرح اخنوش عبارة اغراس اغراس، شعار حزبه وعنوان استراتيجيته لعموم الناخبين، ويفرق الكلام المعسول كما الحلوى في حفل بهيج.
وعود لا تنتهي.
توقفت عندها، وعدا وعدا.
دار دار، زنقة زنقة.
على قول الزعيم الذي تعرفون.
اشدد على القاف الصعيدية في كل زنقة، فالمتعة ،كل المتعة في نطق تلك القاف المتمردة، اما الوعود فهي ليست إلا وعودا.
تشاكسني ذاكرتي الهشة، فلا تهدأ حتى تشعرني ان صاحب كومة الوعود كان حاضرا في كل الحكومات التي لم تنفذ أيا مما يعد به الأن.
من محاسن العيش بلا عقل و بلا ذاكرة ان يتحول الانسان إلى كائن يصدق كل ما صادفه في سوق السياسة.
يصدق اليمين .
يصدق اليسار.
يصدق بنكيران.
يصدق العثماني.
ومستعد كي يصدق اخنوش.
المسكينة مايسة سلامة الناجي تكاد تجن هي الأخرى وهي تشرح بدارجة جميلة للمغاربة أن الديمقراطية في خطر إذا ما اجتمع المال والقرار السياسي في يد واحدة.
الراسخون في علم السياسة المغربية يشمون في الأمر رائحة البنزين ومشتقاته.
هنيئا لهم الأنف المنقذ، الذي قد يجنبهم عناء البحث في التاريخ وفي السياسة.
محمد كريم العمراني ( 1919 – 2018)، سياسي ورجل أعمال مغربي شغل ثلاثة مرات منصب الوزير الأول في عهد الحسن الثاني.أولا من 1971 إلى 1972، ثم من 1983 إلى 1986، وأخيرا من 1992 إلى 1995. شغل كذلك منصب رئيس مدير عام المكتب الشريف للفوسفاط. أسس مجموعة اقتصادية أصبحت تعد من أكبر الشركات المغربية. خلفته على رأسها ابنته سعيدة كريم العمراني.
التاريخ سجل ان الرجل كان يستثمر في السوق و يملك رأس مال وازن و في نفس الآن وزيرا أولا.
في 1995،نفس السنة التي غادر فيها الوزير الأول الغني جدا كرسي الوزارة الأولى ، أنذر الملك الراحل الحسن الثاني نواب الأمة، في خطاب تاريخي أن المغرب يعيش مرحلة السكتة القلبية، واستشهد على ذلك بأرقام وإحصائيات كان قد تضمنها تقرير البنك العالمي حول المغرب.
قال الحسن الثاني آنذاك قولته الشهيرة: “قرأت تقرير البنك الدولي فوجدت فيه أرقاما مفجعة تجعل كل ذي ضمير لا ينام”.
لم تنفع ثروة كريم العمراني في شيء، وانتهت ولاياته المتتابعة والمغرب يحتضر.
جربنا صاحب الثروة، وبعدها اليسار وحلفاءه، ثم أصحاب اللحي لعقد من الزمن.
في كل مرة، لا شيء.
في الحقيقة، كان عقلي على حق حين فضل أن يعلق يافطة كبيرة كتب عليها “مغلق”.
لا فائدة من التفكير أمام أشياء لا تصلح إلا للضحك الطويل، المتواصل و الهستيري.
بعد كل هذه السنوات، لا يمل اخنوش ومن على شاكلته من لعبة قديمة جديدة.
ألا تخجلون؟
لا منطق في كل هذا يستحق عناء التفكير والتحليل.
من بعيد ،يشير علي عقلي المستقيل بجملة ثانية و أخيرة استعارها هو أيضا من ملك ملوك افريقيا، اختم بها جولتي الصغيرة:
من أنتم؟