وقع البلاء أهون من انتظاره
في قصة «سقوط بيت آشر» للكاتب الأمريكي إدغار آلان بو، يختلط وصف التفاصيل الصغيرة والرهيبة للقص المرعب، بشخصيات مضطربة ومريضة مثل السيد “آشر” وأخته ونهايتها المأساوية، لينتهي القارئ من القصة وهو يكابد إحساسا حقيقيا بالخوف والتوجس.
ومن أدب رفيع إلى أدب رفيع آخر، يفكك الكاتب الروسي أنطوان تشيكوف إحساس الخوف ببراعة لا مثيل لها.
قصة (موت موظف) للأديب تشيكوف تحكي تحول حياة الموظف البسيط إيفان ديمتريفيتش تشرفياكوف إلى كابوس بسبب عطسة بريئة ترسل رذاذا طائشا يستقر فوق صلعة متفرج يجلس أمام ديمتريفيتش في المسرح.
لم يكن المتفرج صاحب الصلعة المشؤومة، سوى جنرالا بكامل نجومه ونياشينه.
هيمنت على ديمتريفيتش هواجس الخوف من نقمة الجنرال عليه.
في الحقيقة، الجنرال العجوز لن تكن له أدنى نية للانتقام، بل لم يعر الحادث البسيط أكثر من حجمه.
أما ديمتريفيتش، فلم يستطع التخلص أبدا من مشاعر الخوف التي توغلت داخله وبدأت تنهشه من الداخل كما ينهش الدود جثة بلا حراك.
يفوز الخوف ويهدي روح الموظف المسكين للموت، بعد معاناة بشعة وطويلة.
بعيدا عن الأدب ومخياله الواسع، وجدت تعريفا اضطراب القلق المُفرِط.
أسوقه للفائدة، متوجسا، أيضا، من تعميق إحساس معظم المغاربة هذه الأيام بالقلق والخوف جراء أخبار الإصابة والحالات الحرجة والوباء.
الاضطراب يُسمَّى أحيانًا المُراق أو القلق المَرَضي، هو قلق زائد من كون الشخص مريضا أو قد يصبح مريضًا حالته خطيرة.
وربما، لا يكون لدى المصاب بهذا الاضطراب أيّ أعراضٍ جسدية، أو قد يعتقد أن أحاسيس الجسم الطبيعية أو الأعراض الطفيفة هي علامات لمرضٍ خطير، على الرغم من نفي الفحص الطبي لوجود أيِّ حالة مرضية.
في الخلاصة، رغم تشققاته ومنظره المرعب، لم يسقط قصر آشر.
ورغم سلطة الجنرال ونفوذه، لم يقدم أبدا على الانتقام من المسكين ديمتريفيتش.
أيضا، رغم خطورته وسرعة انتشاره، كوفيد 19 ليس أكبر خطر وجودي يهدد حياة المواطنين.
أشياء عديدة تتربص بالبلاد والعباد، على رأسها الجهل والفقر المدقع.
أما كوفيد، فيمكننا أن نتعايش معه بالقناع والصابون والمعقم.
استمروا في الحياة بهدوء وطمأنينة.
تذكروا حكمة من أبلغ ما قالت العرب قديما:
وقع البلاء أهون من انتظاره.