كرونيك

… وقد يحتاج المغرب الجديد إلى أحزاب جديدة… وإلى تفكير جديد…

يسكن الناس هوس عجيب بالتغيير خلال الأسابيع الأخيرة من كل سنة ميلادية.

يسابق الأفراد العمر الهارب من بين أيديهم، مثل ماء منسكب، إلى الرغبة في تغيير أشيائهم.

قد يطال التغيير شعر الرأس، فيقرر الشخص أن قصة شعره لم تعد تليق به، أو لم تنصفه كما كان يتوقع منها.

خصوصا، إذا استسلم للقدر بعدما فشل في إغواء من يحب فذهب إلى غيره.

سيجرب تسريحة جديدة، وربما ملابس بألوان مغايرة لمحاولة كسب رهان مختلف.

عند انتهاء السنة، يغير الناس سياراتهم..،

ولو كان الأمر مكلفا، تدفعهم إلى ذلك رغبة دفينة في تحدي الزمن الذي لا يتوقف.

حتى السياسة لا تسلم من عاصفة التغيير المرافقة للسنة الجديدة.

تبدأ معظم الدول السنة الجديدة بقانون نفقات جديد، فتتخلى عن ضرائب لم تعد ترى لها فائدة، وربما تضيف أخرى تناسب العام القادم.

التغيير قد يأتي دون سابق إنذار كذلك، فقد شاهد المغاربة جماعة ملتحين، يخففون من لحاهم حتى كادت أن تختفي.

وعاينوا  نفس الأشخاص “الجدد” يختارون زوجات جديدات، أو يضيفون عشيقة شابة الى قائمة ما ملكت إيمانهم.

وهذه المرة، لم تعد رحلاتهم نحو الشرق تكفيهم، فسافروا شمالا نحو الجمال الباريسي.

هكذا، بعد أن طال التغيير حزب العدالة والتنمية السلفي المحافظ، فقلبه رأسا على عقب وحوله إلى ملحقة ليبرالية، تسعى بكل الوسائل لتفكيك القطاعات الاجتماعية ودفعها نحو القطاع الخاص، أو حتى نحو الهاوية، وقع أصحابه في ورطة لا مخرج منها.

تسارعت الأحداث شرقا وغربا، فاستفاد المغرب من هفوات فادحة لخصومه، ليكسب موقفا قويا وغير مسبوق من الإدارة الأمريكية تجاه القضية الوطنية، وليتخذ قرارا سياديا بإعادة علاقته الدبلوماسية مع اسرائيل.

اما رئيس الحكومة فقد كان أول الموقعين على العلاقة الجديدة.

أجزم أن الحزب منكب على دراسة خطاب جديد للمحافظة على أتباعه القدامى، خصوصا أن ممانعة التطبيع شكلت دائما رأس الحربة في إعلام الحزب، إلى جانب كثير من الكلام الآخر الذي تم التخلي عنه نهائيا منذ وصول الإسلاميين إلى كراسي الوزارات المريحة.

أصبح ظل جماعة التوحيد والإصلاح يزعج حزب العدالة والتنمية.

فرق المواقف بين الحليفان يتمدد ويكبر مثل كرة ثلج متدحرجة.

في عالم الطبيعة، يتزامن التغيير ايضا مع اخر فصل في السنة، فصل الشتاء.

تطرح الأشجار اوراقها القديمة استعدادا للربيع.

الافاعي كذلك تغير جلدها عند الحاجة، دون ان تصبح مسالمة أو أقل فتكا.

فالأفاعي هي الأفاعي، مهما حصل.

غدا إذن، مغرب جديد.

وقد يحتاج المغرب الجديد إلى أحزاب جديدة كليا، وإلى تفكير جديد لا محالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock