كرونيك

وحده الحق، لا يسقط أبدا…!

السقوط مؤلم.

في النهاية، كل الأشياء مرشحة للسقوط.

حين تلفظ السحب قطرات الماء، تنزل الجحافل المطرودة بسرعة ودون مقاومة، تدفعها الريح في كل الاتجاهات، بينما تفرض عليها سلطة الجاذبية أن تتوجه مرغمة صوب الأرض.

لا شك ان قلب كل قطرة، لو كان لها قلب، يخفق بقوة و خوف من صدمة لا مفر منها.

ثم تنفجر كل حبة ماء إلى أشلاء صغيرة، عند ارتطامها بالأغصان، بالبنايات، بسواد الاسفلت، أو بتراب الأرض.

لا مفر أبدا من السقوط.

للماء قدرة خارقة على التجمع مرة أخرى، ليصبح سيلا جارفا بعد ان كان قطرات متفرقة بلا قوة ولا نظام.

يمر على كل ما في طريقه من حواجز، يجرف بعضها و يكسر البعض الأخر.

بعد ان هوى من علياء السحب السابحة في السماء، حيث كان يحلق شبيها بملاك تائه، يستجمع الماء شتاته ليلتحق بالبحر مرة أخرى.

إنها دورة الحياة.

صعود وسقوط لا يتوقفان.

فرحة وألم.

يسقط الشهداء لتحيى الشعوب، ولتنتصر الحرية.

تسقط بغداد، تسقط طرابلس.

ليفهم من لم يفهم بعد، أن السماء قد تمطر النار والحديد كذلك، لتسقط قناع المتربصين بالشعوب ولتقبر آمال الحالمين بغد أفضل.

ليس كل ما يسقط من أعلى بالضرورة ماء زلالا ناصعا ونظيفا.

يسقط الذباب في اللبن، ليفسده ويحرم شاربيه من إرتواء منشود.

تسقط الأقنعة، لتكشف وجوها مفترسة، مكشرة،لمصاصي دماء يختبؤون وراء الكلام المنمق والابتسامات الزائفة.

تسقط الشعارات أمام سياسات التفقير والتهميش، فتختفي تباعا في مزبلة التاريخ.

هو موسم موعود للسقوط.

أخيرا، يسقط رئيس متعجرف وشعبوي تسلط على مصير شعوب مقهورة ومنهكة، ليحول أحلامها إلى كوابيس، وليمنح القدس زهرة مدن الشرق، إلى عدو محتل، عنصري ومتغطرس.

أخيرا، تسقط الأوراق المتعبة الصفراء لتظهر الأشجار عارية ترتعش أمام الريح.

ما يمنح الأشجار قوة المقاومة والتحمل هو الإيمان بالربيع القادم بعد حين.

لا يستحق نكرة أن يذكره التاريخ حين يسقط، ولو كان يحمل لقب رئيس أقوى دولة في العالم.

سقط هولاكو.

سقط فرعون.

في كل مرة، تنهض الإنسانية من جديد.

ما يستحق أن يذكر هو أن لا شيء أبدا يستطيع أن يستمر إلى ما لا نهاية.

وحده الحق، لا يسقط أبدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock