هولوكوست أفريقي…!
لا يعرف الكثيرون معنى “الهولوكوست الأفريقي.”
يركز العالم دوما على ما وقع ليهود أوروبا قبل وخلال الحرب العالمية الثانية.
والحقيقة أن أمر الهولوكوست في حق اليهود، وفي حق الأفارقة-العبيد يستحق القراءة مرات ومرات.
لا بشر يدعي الانتماء للإنسانية يسمح له تجاهل قتل وتعذيب آلاف الرجال والنساء والأطفال لمجرد أنهم يؤمنون بمعتقد مختلف، أو يقلون بياضا عن غيرهم.
بل لا سبب مقبول أبدا لحشر الناس وإنهاء حياتهم بالجملة في أي زمان ومكان، وكأنهم خراف في مسلخة أو أقل.
عودة لأفريقيا، صنف البريطانيون الأفارقة الأولون ممن خُطِفوا إلى المستعمرات كخدمٍ بعقود مؤقتة، تماما مثل العمال أصحاب العقود القادمين من بريطانيا وإيرلندا، ثم تحولت العقدة مع الإفريقي إلى عبودية مقيتة منذ أواسط القرن السابع عشر.
بعدها، صار الإفريقي وذرّيته ملكيّة صرفة وسلعة يملك صاحبها عليها حق الحياة والموت والتعذيب والاغتصاب وكل ما يشاء.
مات من مات من سكان إفريقيا داخل سفن تشبه زَرائب حيوانات وهو في طريقه لحقول القطن الأمريكية ،وعاش من عاش حياة جلها مهانة، ممتدة بين إفريقيا واوروبا والعالم الجديد.
خلال الحرب العالمية الأولى والثانية، حارب نفس الأفارقة في أوربا الباردة ضد النازية والفاشية.
انتصرت أوربا وازدهر حال من فيها.
بعد الحرب، تحالف أحفاد العدو السابق مع من حاربهم و تصالح الجميع حينما انتهت النازية وافكارها المقرفة والمفزعة.
ثم قرر كل هؤلاء منع من دونهما من أن يطأ أرض أوربا ،خصوصا الجيران السمر والسود والفقراء.
أصبح المكان يحمل إسما جميلا: الفردوس الأوروبي. لسبب واضح يتجاهله السياسيون وغيرهم، ظل الإفريقي معدما، مدقعا لا يعرف من خيرات وطنه إلا الفتات.
أحفاد العبيد، أحفاد الكتائب السوداء التي حاربت من أجل حرية الرجل الابيض الأشقر الجميل يقفون منذ سنوات على اعتاب ظل الفردوس، على بوابة مدينتان يمتلكهما الأوربيون قسرا داخل إفريقيا.
ينظر الاحفاد-المهاجرون الى ما وراء السياج ويحلمون بحياة أفضل، حياة لم ينلها أبدا أحد من أباءهم منذ ان وضع أول أوروبي قدميه على أرضهم وحول أجدادهم لعمال ولعبيد ولجنود بلا رتب شرف، ثم صنعت منهم السياسة العوجاء مهاجرين ليس لديهم ما يخسرونه سوى أرواحهم.
على أوربا أن تخجل من “نفوق” المهاجرين على أبوابها مثل أسماك جف غديرها، او مثل كلاب ضالة أصابها السعار.
لروح كل الذين فقدوا الحياة والحلم ، وتركوا الروح معلقة على سياج مدينة مليلية، مثل طائر عالق داخل فخ حديدي مسنن، أبيات لشاعر الزنوجة والإنسانية.
من دفتر العودة إلى الوطن، إيمي سيزار.
“سَأكُونُ
الرجلَ-الْمَجَاعَة ، الرَّجُل الْمَهَانَة، الرَّجُلَ- التَّنْكِيل
يُمْكِن الْإِمْسَاك بِي فِي أَيِّ لَحْظَةٍ،
يُمْكِن كَسْر عِظامِي
يُمْكِن قَتْلِي – قَتْلِي تَمَامًا – دُون اضْطِرَار
لِإِعْطَاء حُجَّةٍ وَدُون حَاجَةٍ لِلِاعْتِذَار
رجلا- يَهُودِيًّا
رَجُلَ الْمِحْرَقَةِ الْمُدَبَّرَة،
جَرْوًا
مُتَسَوِّلا بَائِسًا مُتَشَرِّدا.”
في النهاية، لن تنتهي الحرب ولا العبودية إلا إذا لم يعد الإنسان الإفريقي مجبرا على الموت من أجل حلم العيش الكريم.
كفى!