مدارات

هل سيجيز د. الريسوني اللواط كما شرْعَن من قبل الاغتصاب؟

لا زال د. أحمد الريسوني، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، لم يخرج عن صمته في قضية اعتقال سليمان الريسوني، رئيس تحرير يومية “أخبار اليوم”، يوم الجمعة 22 ماي الجاري، بتهمة الاعتداء الجنسي على مثلي. فقد اعتاد الدكتور على التعبير عن موقفه من القضايا الأخلاقية التي يتورط فيها الإسلاميون دفاعا عنهم وتبرئة لهم من كل التهم التي يوجهها إليهم القضاء. هكذا سبق له وناصر بنحماد وفاطمة النجار اللذين ضبطهما رجال الأمن في وضع مخلّ بالآداب داخل السيارة بشاطئ المنصورية بالمحمدية زاعما أنه حضر خطوبتهما رغم إقامته بدولة قطر. طبعا لم يطلب الريسوني من القضاء تطبيق القانون ولا حرّض الدولة على تنفيذ “الحكم الشرعي”، ليس لجهله به ولكن لكون المتهمين من عائلته الإيديولوجية؛ مما يستوجب عليه مناصرتهما والتماس مخارج قانونية لدفع التهمة عنهما. فهو يعلم علم اليقين بنود مدونة الأسرة وشروط الزواج لكنه فضل التحايل على القانون لإنقاذ المتهمين.

وسيكرر الفعل نفسه (المناصرة) حين تم اعتقال توفيق بوعشرين بتهمة الاغتصاب والاتجار بالبشر، وهي الجرائم التي وثّقها المتهم نفسه في فيديوهات حية  شاهدها القضاة والمحامون. لكن الريسوني، هذه المرة، لم “يشهد” زورا لصالح المتهم بكون الضحايا هن خطيباته، وأنه حضر خطبته لهن، بل استأسد على الضحايا متهما إياهن باغتصاب المتهم وتحوّلهن إلى أداة للانتقام منه بقوله (أما النسوة اللاتي يتم إخفاؤهن في القاعة المغلقة (في إشارة إلى القرار الذي اتخذته المحكمة بخصوص المشتكيات) فمن المؤكد الآن أنهن قد ساهمن أو استعملن في اغتصاب رجل: في أمنه وعِرضه وحريته وكرامته ومهنته).

أكيد، لم ينتبه الريسوني لدموع الضحايا ولا رقّ قلبه لمآسيهن، بقدر ما كان همّه هو الدفاع عن “براءة” بوعشرين. وحين اعتُقلت هاجر الريسوني بتهمة الإجهاض والحمل خارج إطار الزواج، سارع د. الريسوني إلى تقديم شهادة بكونه حضر خطبتها من الشاب السوداني الذي تم اعتقاله بدوره، متجاهلا مواقفه السابقة التي ملأ بها الدنيا وفتاواه التي حرّم بها الإجهاض والعلاقات الرضائية خارج إطار الزواج. كان من المفروض فيه أن يبقى منسجما مع نفسه وفتاواه لكنه لم يفعل بدافع القرابة الدموية والإيديولوجية. فالقرابة والإيديولوجيا، عند الريسوني، فوق القانون وحتى الدين الذي يمثله في الهيئة العالمية للعلماء. هذا الدين هو الذي يأمره بأداء شهادة الحق  وعدم كتمانها، من جهة، ومن جهة أخرى العدل وقول الحق (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى) (الأنعام 152).

فمواقف د.الريسوني المتباينة تؤكد المعنى الذي يعطيه للمقاصد الذي جعل نفسه مختصا فيها ويستمد منها لقبه “الفقيه المقاصدي”. إذ في كل قضية من القضايا الأخلاقية التي يتورط فيها “أقرباؤه” يقدم بشأنها موقفا مناصر لهم ومنافحا عنهم حتى وإن عارض الدين والقانون.

واليوم، ننتظر منه الإعلان عن موقفه “الفقهي” من التهمة الموجهة إلى سليمان الريسوني الذي تم اعتقاله، بسبب تهمة الاعتداء الجنسي الذي وجهها إليه شخص مثلي الميول الجنسي يجمعه بالمتهم عمل فني هو عبارة عن مشروع فيلم عن المثلية الجنسية. وتعود الواقعة إلى 2018 حين استدرج س. الريسوني ضحيته إلى المنزل لمناقشة موضوع الفيلم حيث وقع الاعتداء حسب ما جاء في تدوينة الضحية بصفحته على الفيسبوك معللا عدم تبليغه بالواقعة بخوفه من العواقب القانونية والاجتماعية. طبعا الواقعة سيبت فيها القضاء الذي هو الجهة الوحيدة المخوّل لها ذلك؛ لكن الذي يهمنا في هذه القضية هو موقف الفقيه الريسوني والفتوى التي يمكن أن يقدمها لقريبه ــ في حال ثبوت التهمة ــ أسوة بما فعله مع سابقيه. فمقاصد د. الريسوني الشرعية تدور مع مصالح “أقربائه” وجودا وعدما. وقد يستأنس الدكتور بفتاوى شيوخ داعش الذين شرعنوا “جهاد النكاح” وأحلّوا اللواط باسم “جهاد نكاح الرجال” ومارسوه في سوريا والعراق وليبيا وجبل الشعانبي بتونس.

تتواتر الفضائح الأخلاقية فتظهر أن الإسلاميين بقدر ما يناهضون الحريات الفردية ويدّعون الطهرانية والدفاع عن الفضيلة، بقدر ما يتورطون في قضايا أخلاقية وجرائم مرتبطة بالاعتداء الجنسي والاتجار بالبشر. والدرس الذي ينبغي لهم استخلاصه هو ضرورة مراجعة مواقفهم والإقرار علنا بالحريات الفردية ورفع التجريم عن العلاقات الرضائية بين البالغين، فضلا عن وجوب التخلي عن دور “حراس الفضيلة” الذي يتقمصونه ويستغفلون به أتباعهم والمتعاطفين معهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock