هكذا استنسخت جزائر بومدين من الصهيونية عملية الإبادة الجماعية عبر الترحيل
هاينريك هملر هو وزير الداخلية الألماني الذي صمم معسكر أوشفيتز الموجود في بولونيا.
هو مجرم حرب لن ينساه التاريخ.
في جوهر القضية، ادعى القادة النازيون أنهم بصدد حل أخير ونهائي لليهود في أوروبا.
استمر نقل اليهود عبر القطارات بين 1942 وخريف عام 1944.
شمل الترحيل آلاف اليهود في جميع البلدان التي احتلتها قوات هتلر.
رقم المرحلين قسرا كبير ومروع، منهم من يحمل جنسية بلده، ومنهم الغجر والروم المعروفون بنمط الترحال بين البلدان الأوربية.
يدخل الترحيل القسري في خانة الجرائم ضد الإنسانية.
ويعتبر مأساة كبرى، تمس بكرامة ومصير الإنسان.
لا زال المهجرون من حيفا، ومن يافا، ومن الجليل، وكل أنحاء فلسطين التاريخية يتكدسون داخل مخيمات غزة، وعين الحلوة بلبنان، وفي الضفة الغربية المحتلة.
لك أن تتخيل قوافل من النساء والأطفال والرجال العزل، استيقظوا مذعورين في ليلة باردة وماطرة، وتركوا منازلهم تحت تهديد السلاح.
عليك أن تسمع صراخ الأطفال، ودموع النساء الخائفات والرجال المقهورين.
كل ما تملك من أشياء تصنع وجودك الإنساني يصادرها الجلاد، صورك الشخصية، مفاتيح بيتك، كتبك وملابس عائلتك، كل صغيرة وكبيرة….
قاد الجنود الألمان كوكبة المرحلين من اليهود وغيرهم إلى أوشفيتز، حيث تكفل وحوش لا رحمة في قلوبهم بعمليات التجويع الممنهج، ثم القتل والإحراق، ربما، لطمس معالم الجريمة.
أسوء ما خلفته جريمة أوشفيتز، هو تكرار ما حدث من طرف أحفاء الضحايا الناجين من المحرقة، مباشرة بعد انتهاء الحرب الكونية الثانية.
هكذا استنسخت دولة إسرائيل، بوحي من النظريات الصهيونية المغرقة في العنصرية والتطرف، عملية الإبادة الجماعية عبر الترهيب والقتل والترحيل تجاه اليهود الجدد: الفلسطينيون.
التاريخ لا ينسى.
لا زال العالم يتذكر كل سنة في 27 يناير ضحايا الهولوكوست.
ولازال اللاجئون الفلسطينيون، وأحفادهم يحتفظون بمفاتيح بيوتهم وبأناملهم في العودة إلى ديارهم.
وكما غنت فيروز، سيرجعون يوما.
قبل خمسة وأربعين سنة، وفي مثل هذا اليوم، الثامن من دجنبر، وتحت جنح الظلام، ورغم برودة الطقس، والدم المشترك الذي يجري في عروق الجزائريين والمغاربة، أمر الرئيس الجزائري بطرد خمسة وسبعين ألف مغربي ومغربية مقيمين بشكل قانوني بالمدن والقرى الجزائرية.
لم يمهلهم حتى وقت تغيير ملابسهم، فخرجوا أشباه عراة، بملابس النوم، مكدسين في حافلات وشاحنات نحو الحدود، تاركين وراءهم أطفالهم وأزواجهم وزوجاتهم.
من حسن حظهم، أن ترحيلهم كان في اتجاه الوطن.
رغم صعوبات كثيرة والأم رهيبة، تمكن معظمهم من النهوض مرة ثانية، ومن استرداد إنسانيته وحياته.
لكن جريمة الترحيل القسري تبقى قائمة وغير قابلة للنسيان.
هواري بومدين، واسمه الحقيقي محمد إبراهيم بوخروبة (1932 – 1978) الرئيس الثاني للجزائر المستقلة، هو مهندس عملية الترحيل القسري للمغاربة سنة 1975.
لن ننسى أبدا.