هذا “النصر المبين” لمؤتمرات أحزابنا”…!
كان الزعيم الليبي الراحل يكره الأحزاب السياسية ويعتبرها حاجزا أمام الشعب قد يسلبه حقه في التعبير والاختيار.
في “الكتاب الأخضر”، وهو مزيج من الأفكار السياسية الغريبة، وردت عبارة تلخص موقف العقيد “الديمقراطي” من الأحزاب:
من تحزب خان.
حسب النظرية الثالثة، بعد الرأسمالية والشيوعية كما يشرح حاكم ليبيا السابق، فالشعب ليس بحاجة لمن يمثله عن طريق الأحزاب.
انتهى القذافي واختفى كتابه الأخضر من بيوت الليبيين وربما من مكتبات العالم، ولم يعد أحد يهتم بنظريتة الثالثة.
من الصعب إقناع الأخرين بالنوايا الديمقراطية حين تكون نتائجها دائما في صالحك.
استمر حكم العقيد لعقود من الزمن ولم يغادر صاحب النظرية الثالثة كرسي السلطة إلا عندما التحق بالرفيق الأعلى.
أما الأحزاب السياسية فتشبه الأشجار في اختلافها، بعضها جذوره قوية وأغصانه تبدل أوراقها بكل انتظام.
البعض الآخر طويل، عريض ودائم الخضرة، غير أن الناس لا ينتفعون من ثماره أبدا.
وكما الأشجار، يتسلق البعض الأحزاب أيضا للوصول أو للبحث عن غنيمة ما.
في كندا، قام أحدهم بتأسيس حزب وحيد القرن سنة 1963.
يقدم حزب وحيد القرن اقتراحا للتخلص من الجريمة، عن طريق إلغاء كل القوانين، والاستيلاء على الولايات المتحدة، وجر القطب الشمالي نحو كندا.
رغم غباء وغرابة اقتراحاته، استمر الحزب إلى حدود سنة 1993.
أما حزب محبي البيرة في بولندا، فقد ظهر بعد انهيار القطب الشيوعي، ويهدف الحزب لمحاربة الإدمان على الكحول بجعل البولنديين يتخلون عن الفودكا والمشروبات الأخرى ويكتفون بالبيرة.
في المغرب، صادق المؤتمر الاستثنائي لحزب التجمع الوطني للأحرار، المنعقد السبت الماضي، على تعديل النظام الأساسي للحزب، وعلى تمديد صلاحيات أجهزة وهيئات الحزب الوطنية.
عمليا، قام الحزب بإجماع أعضائه بشطب الديموقراطية والتناوب على مناصب القيادة داخل الحزب إلى ما بعد الانتخابات القادمة، واعتبر ذلك نصرا مبينا ومؤتمرا ناجحا.
رغم أنني لم أساند أبدا أفكار العقيد البدائية، لأن الديموقراطية ليست في حاجة لشرح وإصلاح وإنما هي للتطبيق الفعلي والجاد، غير أن ما تقترفه بعض الأحزاب من أفعال وممارسات وأفكار سخيفة ومضرة، يجعلني أتساءل حقا عن دورها وعن حاجة المجتمع لها.
في جميع الأحوال، فمقترح حزب البيرة في بولندا، يبقى معقولا وقابلا للنقاش من بين كل ما ورد.