نخرج أم لا نخرج؟
في مشهد درامي، سجين مقيد إلى جانب منشار، وعلى بعد أمتار منه، جرة ماء.
يعاني عطشا قاتلا قد ينهي حياته.
في المقابل، لا سبيل إلى الماء سوى بتر يده المقيدة. يتلهف للسائل المنقذ وينظر برعب إلى وسيلة خلاصه؛ منشار قد يودي بحياته وفي أحسن الأحوال، يحرمه من يده.
بالطبع، يحصل هذا في فيلم رعب أمريكي، من وحي الخيال. فكرة الاختيار المستحيل أو المعضلة ليست جديدة، بل ربما هي جوهر وجود الإنسان.
وقال أصحابي الفرار أو الردى **** فقلت هما أمران أحلاهما مُرّ
هكذا لخصها أبو فراس الحمداني.
صاحب المعمل والمقاولة يحسب الأيام منذ مارس الماضي. تزداد الخسائر وتقربه من شبح الإفلاس. اقتصاد البلد برمته أضحى رهينة طيعة في قبضة كوفيد اللعين.
حتى المواطن أصابه الضجر وبات يتوجس من تبعات نفسية لا طاقة له لعلاجها.
نخرج أم لا نخرج؟
هذا هو السؤال اليوم.
سيناريو نكسة وبائية محتمل.
ماذا لو عادت لائحة المصابين إلى الارتفاع بشدة وخرج الوضع عن السيطرة؟
وكأنك يا أبو زيد، ما غزيت.
الخسارة قد تصبح مضاعفة؛ كلفة التعطيل ومصاريف إضافية محتملة لمواجهة تفشي الوباء لا قدر الله.
بكثير من التفاؤل، يمكن أن نتدرج بحذر.
الاستمرار في التباعد الاجتماعي والاحترام الصارم لقواعد النظافة شرطان أساسيان لرفع قيد التجوال ورجوع الحياة إلى المدن والقرى.
لا يمكن أن يتصور عاقل مسألة التخفيف كرخصة للتجول بلا وقاية وبتجاهل تام لاستمرار تفشي مرض كوفيد.
ينتهي فيلم الرعب بالقبض على القاتل المعتوه الذي عرض ضحيته لاختيار رهيب بين الموت عطشا أو بتر أجزاء من جسده.
إنها نهاية سعيدة بلغة أهل السينما.
حتما، لا نملك إلا أن نتمنى أن تكون نهاية هذا الكابوس حميدة أيضا.
وبأقل خسائر ممكنة.