كرونيك

نحن، اليابان والغرب: بيننا وبينكم الكمامة…!

في اليابان يرتدي عدد كبير من الناس الأقنعة الطبية، حتى قبل أزمة كوفيد 19.

في عام 2014، بلغ مجموع عدد الأقنعة المصنعة في اليابان والأقنعة المستوردة حوالي أربعة مليار قطعة، من بينها ثلاثة مليار قطعة مستوردة.

كان سبب انتشار الأقنعة لأول مرة في دول العالم، هو  تفشي الأنفلونزا الإسبانية عام 1918 والعدد المهول من الأموات التي خلفته عبر موجتين متتاليتين.

تحولت الأقنعة في اليابان، إلى سلاح فعال وآمن للوقاية الطبية حيث تستخدم في حالات البرد والأنفلونزا، وحتى لتجنب نزلات حساسية الأنف الموسمية، وتهدف أساسا لتفادي إيذاء الأخرين بنقل العدوى إليهم.

في مقارنة سريعة بين اليابانيين وآخرين، يظهر جليا أن أوروبا وأمريكا لا تزالا تقاومان ارتداء الأقنعة الواقية حتى في أوقات انتشار الوباء، ولذلك ارتباط وثيق بمفهوم الحرية الشخصية والخوف الشديد من انتكاسة نحو أنظمة تفرض ما تشاء من قوانين وتكبل حرية الحركة والتجوال.

هكذا، يمكن أن يفهم اللبيب سبب المظاهرات ضد مساعي الحكومات الأوروبية والأمريكية، لفرض ارتداء القناع والحد من حركية المواطنين.

في اليابان، أعتقد أن التزام المواطن بالقناع مرتبط بثقافة أهل البلد.

يعتبر المجتمع الياباني الأكثر صرامة تجاه فكرة الابتعاد عن إزعاج الآخرين.

فالياباني في سلامه وكلامه ومزاحه يحرص كثيرا على عدم إحراج أو إغضاب الآخرين. ثم إن ظن أن ذلك حصل، فسيعتذر مرارا، دون كلل أو ملل.

ارتداء الأقنعة جزء أصيل من الآداب والسلوك العامة في المجتمع الياباني.

في المغرب، أجمل بلد في العالم، تشتغل مكبرات الأصوات خلال الأعراس المقامة داخل المنازل أو على أسطحها، بكل ما تملك من قوة.

تصدح الموسيقى الشعبية جزء كبيرا من الليل وحتى ساعات الصباح الأولى، كي “يستمتع” بها الحاضرون والجيران وكل ساكنة الكوكب حيث يصل الصوت.

طبعا، لا مجال لأي كان أن يعترض أو يحتج، ما عليه إلا أن يقبل بليلة بيضاء بلا نوم ولا راحة.

في المغرب الحبيب دائما، لا يفكر  السائقون كثيرا قبل إطلاق المنبهات. لا عيب في إزعاج المارة والناس والكون أجمع.

من يعول على تطبيق صارم للإجراءات الحاجزية من طرف الغالبية العظمى، عليه أن ينتظر أيضا عودة المسيح، وقيامة الأموات وشروق الشمس من مغاربها.

وذلك أهون وأقرب للتحقق من أن يفهم البعض أنه حين يخاطبك ويقترب منك دون قناع، يجعل عمر الوباء طويلا ومديدا.

ثقافة عدم الاكتراث بالآخر منتشرة أكثر من الوباء نفسه، وأخطر منه بكثير.

حفظكم الله من كل سوء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock