نحتاج لشيء أكثر إقناعا من المروحة…!
يذكر التاريخ أن ضربة مروحة واحدة تسببت في دخول فرنسا الاستعمارية إلى الجزائر.
جاء القنصل الفرنسي بيار دوفال إلى قصر الداي وطالب بدفع ديون يزعم أنها مستحقة لدولته، رد الداي حسين أن الجزائر ساعدت فرنسا حين كانت تحت حصار جيرانها بسبب الثورة، مقابل ما تزعم أنها ديون .
حينها، وجه القنصل كلاما جارحا غير لائق بلغة السياسة إلى الداي.
غضب الداي من الإهانة، فطرد القنصل بعد أن لوح بالمروحة في اتجاهه.
مباشرة بعد الحادث، بعث شارل العاشر جيشه بحجة استرجاع مكانة وشرف فرنسا. وهذه الذريعة كانت السبب في حصار واحتلال الجزائر.
أطلق التاريخ اسم حادث المروحة على هذه الوقائع.
•••••
بعد فضيحة الرسوم العنصرية والمهينة التي سمحت السلطات الفرنسية بعرضها على واجهات بناياتها الرسمية، احتج الشرق والغرب جميعا على سلوك مستفز وأرعن.
طالب العقلاء بتوحيد مقاييس الفعل العنصري.
لا يتطلب الأمر سوى إضافة المسلمين إلى الفئات المستهدفة عادة بالخطاب العنصري التقزيمي المقيت: السود، اليهود، النساء، والأقليات العرقية المختلفة.
يبدو الأمر عادلا ولا علاقة له بكبح حرية التعبير ولا حرية الإبداع كما يحاول أن يقنعنا بذلك حكام فرنسا.
عوض الاحتكام إلى المنطق السليم والتراجع عن سلوك قد يجلب المزيد من المتاعب لفرنسا وللعالم، فتح ماكرون حسابه على تويتر ليرسل خطابا قصيرا موجها إلى الناطقين بالعربية، جاء فيه: لن نتراجع أبدا.
ثم أصدرت خارجية هذا البلد بيانا بلهجة الأمر، يطلب من الدول المحتجة وشعوبها الكف عن دعوات مقاطعة السلع الفرنسية.
•••••
استمر الاحتلال الفرنسي للجزائر أكثر من قرن، حاولت خلاله فرنسا بكل الطرق تغيير هوية البلد وتحويله لنسخة باهتة لها، ثم واجهت المعارضين بالنار والحديد.
وأخيرا بعد مقاومة شرسة وبطولية من الشعب الجزائري، وقف ديغول وسط حشد غاضب ليعلن:
لقد فهمتكم.
بعد الاستفتاء، جمع الفرنسيون حقائبهم وغادروا بلا رجعة سنة 1964.
لا يذكر التاريخ مصير المروحة المعلومة، ولكن يؤكد لنا، على ضوء أحداث هذه الأيام، أن استعمالها كان في محله، وضروريا.
أمام التعنت والعجرفة الفطرية للفرنسيين، قد نحتاج لشيء أكثر إقناعا من المروحة، وأشد تأثيرا.
ثم، ستفهمنا وستتراجع يا سيدي المحترم.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.