وحد بلاء كوفيد مشاغل الناس حول العالم.
على مدار الساعة، يترقب سكان الكوكب خبرا سارا يخلصهم من كابوس حول حياتهم إلى مواجهة مع عدو خفي ومصير مبهم وغير مطمئن.
في الحقيقة، نجح كوفيد حيث فشلت السياسة والدين والفلسفة، مجتمعين.
للمرة الأولى، يختبر البشر معنى وحدة المصير والحاجة للتآخي والتآزر باعتبار البشرية كل لا يتجزأ، من ووهان بالصين إلى طانطان بالمغرب.
مصادفات أخرى قد تجمع المسلمين مع غيرهم.
في ذكرى عاشوراء، يحتفل يهود العالم بخروجهم من مصر بقيادة موسى. أما المسلمون فيتذكرون أن التاريخ يصادف مقتل الحسين بن علي بسيوف المسلمين أيضا، في واقعة كربلاء.
ينتفض اليهود ضد العبودية الذي فرضها عليهم فرعون مصر.
يصيح موسى:
اترك شعبي يذهب.
ثم يتجه إلى البحر حيث الخلاص.
تقول الكتب المقدسة إن طريقا سالكا ظهر وسط البحر لكي ينال العبريون الحرية.
مقتل الحسين بن علي على يد مسلمين آخرين أحدث شرخا مذهبيا يزداد توسعا منذ قرون.
بين معجزة شق البحر بحثا عن الحرية، وسيف غدر أنهى حياة حفيد الرسول من أجل السلطة، ترجع ذكرى عاشوراء كل سنة، بفواكهها الجافة وطبولها وطقوسها وفوضاها.
في عاشوراء تحضر الأضداد:
النار والماء، الحرية والخيانة، الحب والسحر.
في عاشواء، بعض النساء تبحثن عن وصفة للحب الأبدي عند العطارين، بينما يحتاج الحب لأشياء كثيرة، جلها لا يرى ولا يؤكل.
أما قصة ما وقع هذه السنة، فهي جزء من كل.
مئات من شباب العاصمة توجهوا صوب البحر، في تحدي صريح للقوانين المصاحبة للحجر الصحي.
هو بحث عن “حرية” تشبه الفوضى.
الفوضى جهل والجهل ظلام.
كان لزاما إذن أن يوقدوا النار تذكيرا بجهلهم وجاهليتهم.
انتهت عاشوراء، بعضهم أمام القضاء بتهم غليظة، بعد ما صنعوا “قربلات” جديدة.
و هي إعادة انتاج مغربي قديم لكلمة كربلاء.
تجمعنا الإنسانية والمصير المشترك مع ساكنة الأرض، وتفرقنا ثقافة بئيسة تأبى أن تتركنا نمضي أيضا على طريق الحرية الحقيقية.
أما الفرق بين الفوضى والحرية فقد أنتج تاريخا مختلفا يظهر عند كل احتفال وعند كل مناسبة.
دأب المغاربة على اقتناء هدايا لأبنائهم خلال عاشوراء.
قد تكون أفضل هدية عل الإطلاق، بعد أحداث هذه السنة، هي التربية على المواطنة الحقة و على حب الوطن.
