من عام البون إلى وفاة الرميد: بطاقة انتظار…!
امتد عام البون بين سنتي 1944 و 1945. عانى خلاله المغاربة من المجاعة ومن الأوبئة.
فقد اجتمع فيه الجفاف وقلة الموارد الغذائية. اضطرت السلطات الفرنسية إلى تقنين توزيع وشراء المواد الغذائية الأساسية.
كان أسوء عام خلال القرن الماضي.
اجتمع على المغاربة سوط المستعمر والجوع، ثم الوباء.. من لم يمت بالطوى مات بغيره.
أسابيع قليلة قبل نهاية 2019، انتشرت إشاعة بمواقع التواصل الاجتماعي تعد العالم نهاية وشيكة.
حينها كان المغاربة مشغولين بأشياء أخرى تثير السخرية أيضا.
قفشات وزراء في حكومة الكفاءات تكفلت بضمان مكان مريح للفريق الحكومي في لائحة صانعي المستملحات:
وزير ناطق رسمي باسم الحكومة، لم يكن يجيد النطق بأسماء رؤساء دول ولا حتى باسم مرض غامض كان حينها لازال في طريقه إلينا.
وزير آخر تعثر كثيرا في نطق كلمة واحدة حين كان يحتفي بالتلاميذ المتفوقين.عثرته صارت مادة دسمة للتندر بين رواد فضاءات التواصل الافتراضي.
ثم تحول إلى ناطق رسمي نكاية في كل كلمات اللغة التي لم تستحي من إحراج وزير محترم.
وحتى تحافظ الحكومة على خطها الهزلي، لم يجد رئيسها أحسن من إبداء رأيه في فيروس يوهان.
قال إنه مجرد زكام. خبرة الرجل كطبيب أعفته من استشارة زميله وزير الصحة.
ظن كثيرون أن سنة 2019، تستحق أن تتوج سنة سوداء.
اليوم، بعد ثمانية أشهر من حلول سنة 2020، تستطيع السنة الماضية أن تعاتبنا وبشدة. لم تحرمنا من متعة الأعياد، ولا أقفلت المدارس في وجه أبنائنا.
من الإنصاف، أن نقدم اعتذارنا مقرونا بالشكر للحظات الفرفشة التي أهدتنا إياها الحكومة.
هذه الأيام تتخبط الحكومة أمام عداد الإصابات. لا يبدو أن هناك خطة ما.
وزير الصحة ابتعد عن الميكروفونات، فتكفل زميله في المالية بإعلان وفاة الرميد. نظام راميد للتغطية الصحية، وليس غيره. رفعا لكل لبس غير مقصود.
خلال عام البون، كان على الجوعى المنهكين الانتظار في طوابير طويلة وفي ظروف غير إنسانية لكي تنعم عليهم سلطة الاحتلال بورقة تسمى بالفرنسية “البون”، حتى يحصلوا على كمية طعام لا تكفي لسد جوع جرو صغير.
نظام راميد يحتفظ ببراءة اختراع مواعيد طبية تمتد لشهور. ثم يعاد تجديدها.
لا فرق، إذن، بين البون والبطاقة، هما تذكرتا انتظار لا غير.
رغم أن القرن الحالي لا زال في بدايته، إلا أن حظوظ سنة 2020 في نيل لقب أسوء سنة تبدو ممتازة.