الإفتتاحية

من خسر اليوم قد يفوز غدا

من بين ما تضمنه الخطاب الذي ألقاء جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة، تلك الرسالة الموجهة إلى الخارج، إضافة إلى الرسائل الموجهة إلينا في الداخل.

ما يهم في هذا المقام، الإشارة إلى تلك الرسائل التي وجهها الخطاب الملكي إلى الخارج: “وقد كرست هذه الانتخابات انتصار الخيار الديمقراطي المغربي، والتداول الطبيعي على تدبير الشأن العام. فالأهم ليس هو فوز هذا الحزب أو ذاك، لأن جميع الأحزاب سواسية لدينا.” (من نص الخطاب الملكي).

هذه الجملة حملت رسالة الى الخارج، وذلك أنه بعد الانتخابات الأخيرة، روجت بعض القنوات المشرقية لأمر خطير، يتضمن في مجمل معناه، أن المغرب ساير حزب العدالة والتنمية حتى تمكن من التخلص منه بطريقة ديبلوماسية، وبأسلوب فيه حنكة سياسية، ومنهم من ذهب إلى أن حزب التجمع الوطني لأحرار فاز لاعتبار قربه من محيط القصر، وقد ساهم في تعزيز هذا التوجه بعض الكتاب والمحللين المغاربة، وفي القولين اتهام واهانة للمغرب، فجاء الخطاب الملكي يبعث برسالة، معناها أن هذا الذي حدث من فوز الفائز و خسارة الخاسر، إنما هو أمر طبيعي، وذلك أن المغرب يسير على نهج  تداول السلطة، وعدم احتكارها، فمن خسر اليوم قد يفوز غدا، والعكس بالعكس، وأن الجميع سواسية في المغرب ولا ميزة لأحد على الآخر إلا بما يقدمه من أفكار، وبما يقدر عليه من إسقاط لبرامج ومبادرات الدولة على أرض الواقع.

وقال جلالته “وأنتم، حكومة وبرلمانا، أغلبية ومعارضة، مسؤولون مع جميع المؤسسات والقوى الوطنية، على نجاح هذه المرحلة”، وقوله، فيه تأكيد على أن المغرب يسير وفق مفهوم الدولة التي تقوم على مؤسسات، وأن العمل يكون داخل هذا الإطار المؤسساتي، ولا يمكن إلغاء أي مكون من هذه المؤسسات.

ولهذه الأسباب وغيرها، فإنه جدير وحقيق بكل متكلم في الشأن المغربي، أن يدرس، وقبل أن يخوض في أمور المغرب، وضع المغرب وأساليب تدبير شؤونه الداخلية، وأن يراعي “الذكاء الجماعي” للشعب المغربي، باعتباره مؤسسة من مؤسسات الدولة المغربية، فلا يقيس المملكة الشريفة على دول المنطقة، ولا يحكم على أنظم السياسة فيها وأساليب تدبير الحكم، مما يراه ويعرفه عن باقي الدول المجاورة، فللمغرب خصوصياته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock