ملصق للحجاب يسقط الأقنعة بفرنسا
ألغى مجلس أوروبا، مطلع الأسبوع الجاري حملة مصلق مثيرة للجدل لمواجهة الاحتجاجات التي تقاطرت عليها خاصة من طرف اليمين المتطرف الفرنسي، وكان المقصود بالحملة إياها التعبير عن الحرية الشخصية، بوضع ملصق لوجه نصفه لامرأة متحجبة ونصفه الٱخر دون غطاء.
ويبقى التساؤل المطروح في الساحة السياسية الفرنسية، هو هل يمكن تعزيز الحرية بالترويج للبس الحجاب؟ الإجابة المنطقية والسليمة هي نعم. لكن في منتصف الحملة الرئاسية الفرنسية، استوجب توقيف ما اعتبره البعض مهزلة وتم تقطيع الملصق ورميه في القمامة.
وكان ملصق الاتحاد الاوروبي، يعرض صور للعديد من الشابات محجبات في نصف الصورة فقط، وجاء في رسالة باللغة الإنجليزية على وجه الخصوص: “الجمال في التنوع والحرية في الحجاب” (“الجمال في التنوع كما الحرية في الحجاب”).
وانتهى الأمر بإثارة نقاش ساخن أشعل فتيله اليمين المتطرف، “الإسلام هو عدو الحرية، هذه الحملة هي عدو الحقيقة “، هكذا، غرد المتطرف اليميني إيريك زيمور، المرشح المحتمل للرئاسة، مستنكرا “جهاد الدعاية”. من جهتها أطلقت مارين لوبان، مرشحة التجمع الوطني، “هذا الاتصال الأوروبي لصالح الحجاب الإسلامي فاضح وغير لائق بينما تحارب ملايين النساء بشجاعة هذا الاستعباد”.
وأعربت من جهتها، رئيسة منطقة جهة باريز، فاليري بيكريس، عن “دهشتها” قائلة إن الحجاب “ليس رمزا للحرية، بل رمزا للخضوع”. وقالت وزيرة الدولة لشؤون الشباب سارة الحيري داخل الحكومة إن فرنسا “أعربت عن رفضها الشديد للغاية”، ومن هنا سحب الحملة يوم الثلاثاء.”
وأوضح المجلس الأوروبي، في بيان له أنه، “تم حذف هذه التغريدات، وسنفكر في عرض أفضل لهذا المشروع”. لقد كانوا “جزءا من مشروع مشترك” للمجلس والاتحاد الأوروبي “ضد التمييز، وكان الهدف منه زيادة الوعي بضرورة احترام التنوع والاندماج ومكافحة جميع أنواع خطاب الكراهية”. وأضافت المنظمة الأوروبية أن التغريدات “عكست التصريحات الفردية التي أدلى بها المشاركون في إحدى أوراش المشروع ولا تمثل موقف مجلس أوروبا أو أمينه العام” ماريا بيجينوفيتش بوريتش.
ليبقى الإشكال المطروح بفرنسا عما هي التحديات التي يمثلها ارتداء الحجاب للعلمانية الفرنسية؟ وهل الأخير متوافق مع الشعائر المتأصلة في الدين الإسلامي؟ وهذا السؤال محل نقاش دائم في البلد. وبقدر ما تتكون العلمانية من حقيقة أن المعتقدات الدينية لا تتدخل في الطريقة التي تنظم بها السلطة العامة الحياة في المجتمع، فليس من الواضح ما هي الحجج التي يمكن تقديمها لحظر ارتداء الحجاب. فهل أسقط ملصق الحجاب الأقنعة عن وجوه الساسة الفرنسيين.
وتبقى الحجة التي يتداولها هؤلاء كثيرا في الدول الغربية لإدانة ارتداء الحجاب، في اعتباره اعتداء على كرامة المرأة، ويعبر عن مجتمع “رجولي” خاص بالحضارة الإسلامية. هذه الحجة ربما تكون صالحة في حالة النساء المسلمات اللواتي يجدن أنفسهن مقيدات، في الواقع، من قبل أزواجهن، ولكن هذا ليس هو الحال بالنسبة للمرأة التي تتخذ هذا الخيار بحرية، وهو خيار غالبا ما تمليه قناعات شخصية.
وحتى بالنسبة للخمار الذي يغطي كل الوجه، والذي يطرح إشكالا أمنيا، ورغم ذلك يذهب البعض وبنفس المنطق، للقول أن الاحترازات ودواعي كورونا استوجبت غطاء للوجوه لما يقارب سنتين حتى الٱن، و من طرف الجنسين، و لم يطرح ذلك أي إشكال.