كرونيك

معارك على الفضاء الأزرق

لم يعد من الممكن فهم العالم دون الانخراط في ظله الافتراضي على الشبكة العنكبوتية، وتفكيك رسائله العلنية والخفية، وتتبع معاركه الطاحنة.

عليك أولا أن تختار الموقع المناسب.

قد يقفز الى ذهنك مباشرة أن موقعا جيدا لا بد أن تفتح نوافذه على واجهتين.

أو هكذا يكون الاختيار الصائب في عرف سماسرة العقار.

رغم أنني أقصد مواقع التواصل في العالم الافتراضي، لا نية لي في اقتحام عالم العقار الملغوم، غير أن شوكة ما تسللت بين كلمات اليوم، لتجعل مسألة اختيار موقع تواصل مناسب أمرا صعبا، وأحيانا مربك.

تحول الفضاء الأزرق المعروف إلى عالم مواز، تدور على صفحاته مبارزات فكرية وسياسية جادة أحيانا، وساخرة أحيانا أخرى.

غالبا، تنتهي معظم المواجهات الشخصية بقطع شعرة معاوية بين المتناطحين، حين يلجأ أحدهما الى البلوك، أومنع الغريم من الاتصال به مستقبلا، ومنعه أيضا من الاطلاع على ما ينشر.

وقد يقرر أحدهما أيضا التبليغ لدى أصحاب الدار، طمعا في إنزال عقوبة على خصمه.

معارك السياسيين والنقابيين ليست استثناء، فقد استوطنت الشبكة هي أيضا.

ينشر وزير وسيم صورا جميلة لجولته بين سهول وجبال المملكة،ل يطلع على أحوال مدارسه ويرفع معنويات موظفيها، فهم جنود العلم والمعرفة في معركة لا تنتهي ضد الجهل والأمية.

في مكان أخر، تحت نافذة مكتب نفس الوزير المشغول بالسياحة الجبلية، صور لموظفين أخرين يواجهون الضرب والتفريق بالقوة، بعد أن قرروا أن يبلغوا صوتهم لمعاليه، رفقة اكثر من نقابة.

عند قراءة التعاليق المرافقة لصور الوزير المبتسم، تكتشف آلاف التظلمات والنداءات.

بسبب الشوكة اللعينة، لم أتمكن من هضم تناقضات الصور، بين الجبال البعيدة حيث الوزير يسوق رسالة السعادة والبحث الميداني عن الحلول في أقصى أقاصي اجمل بلد في العالم، وصور تعيسة ومخجلة للضرب والعنف في موقف السيارات المقابل لشرفة الوزير، في قلب العاصمة.

قد تكون صور المواقع الافتراضية غير حاسمة، وكل ما ينشر فيها يثير الحيرة والقلق، وربما هذه “شوكة” بواجهتين:

الصدق والكذب.

حين تناقض الأفعال الأقوال، ويناقض واقع الحال ما ينشر على المواقع من تلميع وتزويق ،يجب شطب كلمة تواصل وتعويضها بالبروبغندا.

حبل الكذب قصير، حتى على الفيسبوك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock