مدارات

محمد نجيب كومينة: هذا هو الخطر الذي سيترتب عن التدخل السافر لتركيا في ليبيا

إذا ما أرسل إردوغان عسكره، ومعه كل إرهابيي النصرة-جيش الشام المندحرين في سوريا، إلى ليبيا، فإننا سنكون بصدد تحول خطير جدا في النصف الشمالي من افريقيا، من شأنه أن يخلق حالة فوضى على المدى البعيد. ذلك أن كل القوى الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل ستجد سندا لها عسكريا وماليا وسياسيا من تركيا وقطر والتنظيمات الإخوانية المرتبطة بهما في كل مكان.

أول خطر يمكن أن يترتب عن التدخل السافر لتركيا في ليبيا عسكريا يتمثل في انفجار حرب مصرية-تركية في الأراضي الليبية بلا وكالة، وهذا ما يريده إردوغان مند الإطاحة بأخيه مرسي فيما يبدو ومعه قطر والطابور الخامس للإخوان المسلمين، ومن شأن نشوب هذه الحرب أن تخرب ليبيا نهائيا وترجعها إلى العصر الحجري وأن تتطاير شظاياها إلى البلدان المجاورة، بل وأن تشعل حرائق يصعب إطفاؤها، خصوصا في تونس التي يعول فيها إردوغان على أخيه الغنوشي وأتباعه.

ليس هذا وحسب، بل إن قوى الإرهاب، التي يراهن إردوغان على نقل عناصرها بعيدا عن حدود تركيا، ستستغلها فرصة للانتقال إلى منطقة الساحل وتحويلها إلى دار حرب وستعتمد على بوكو حرام والتنظيمات الإرهابية المختلفة النشيطة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وغيرها.

لكن ماذا لو تبين أن قرار إردوغان هو أغبى قرار يتخذه في حياته، وأن نتائجه العسكرية والاقتصادية والسياسية أكثر من كارثية بالنسبة لبلده. فالجغرافيا والمعطيات البشرية والثقافية وحتى العسكرية، وكذلك السياسية والديبلوماسية بالنظر إلى احتمال تفكك العلاقة بينه وبين بوتين واصطدامه بقوى عظمى اخرى، ليست في صالحه، وتدخله ينزع من حكومة السراج الشرعية الدولية التي أعطاها إياها اتفاق الصخيرات، حيث ستصبح حكومة عميلة لقوة أجنبية لا تخفي أطماعها في ليبيا.

ربما الوقت مناسب لتنسيق مغاربي في اطار اتحاد المغرب العربي لمواجهة خطر يتهدد ليبيا العضو ويتهدد جوارها والمنطقة برمتها. فالتضامن المغاربي مطلوب اليوم واكثر من اي وقت مضى، وقد يكون مؤثرا في مسار الاحداث بشكل يفوق التوقع اذا تمكن المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس من بلورة موقف مشترك واتخاذ مبادرة مشتركة ضد التدخل الاجنبي في الشان المغاربي واقناع كل الاطراف الليبية بالاستعاضة عن السلاح بلغة الحوار والحلول الوسطى التي يترتب عليها اطلاق مرحلة انتقالية لاعادة الاستقرار والتعايش ولإعادة بناء الدولة الليبية السيدة على كل ترابها الوطني الموحد.

الخطر قائم، وإردوغان متسرع ومتحمس، ويعول على المال القطري والإخوان المسلمين، ومالم يتم القيام بشيء في الوقت المناسب، فلا أحد يمكنه توقع تطورات الاحداث في المستقبل القريب.

قرار إردوغان بإرسال الجيش التركي إلى ليبيا، لدعم الإرهابيين الذين ينتقلون إليها، قرار استعماري أخرق تحركه العجرفة والحنين إلى الامبراطورية العثمانية التي سقطت ومحاولة إرجاع التاريخ إلى الوراء. الحديث عن الجالية التركية في ليبيا هو أسوا مبرر يمكن تقديمه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock