كرونيك

مباريات “القاسم الانتخابي”

بينما يرافع البعض من أجل إنجاز نفق تيشكا بين مراكش وورززات، ومد قطبان السكة الحديدية لكي تصل مدن الجنوب الشرقي للمملكة، يخوض آخرون معارك غريبة وعجيبة من أجل أشياء أخرى مختلفة تماما.

يطالب شبيبة الأحزاب بكوطا داخل البرلمان تعفيهم من خوض معركة انتخابية جادة مبنية على مبدأ المساواة.

لم يضف من استفادوا من هذا الاستثناء خلال دورات سابقة، أي شيء لفائدة من يمثلون من نساء أو شباب. عدا، تقاعد مريح لم يساهموا فيه بدرهم أبيض.

توفير اللقاح لمنع استمرار عدوى كوفيد هو مسألة حياة أو موت، أما القاسم الانتخابي فيدخل ضمن تفاصيل أخرى لا داعي لكي يجعلها حزب ما معركة القرن.

من يناضل من أجل تحسين مؤشر الديموقراطية في العملية الانتخابية، عليه أن يقبل مبدأ تناسب الأصوات مع نسبة المشاركة. وحتى إن لم يرقه هذا التفصيل، لا داعي للتهديد بنسف الاستحقاق برمته.

“إما أن أشارك أو لن تقام المباراة…”

لا شك أن اجيالا كاملة تتذكر هذا التهديد البائس الذي تردد مرارا داخل رقعة لعب كرة القدم، في الأحياء الشعبية.

يغتر أحدهم بقوته المفترضة، فيطلق العنان للتهديد والوعيد.

قد تكون هناك مفاوضات تنهي الأزمة، وقد يتلقى صاحب التهديد صفعة أو ركلة قوية ترجعه لجادة الصواب.

عودة إلى لكلام الجاد، بعيدا عن نوستالجيا الطفولة و قصصها المضحكة، يتوقع الناخب مزيدا من الإصلاحات و تقليصا حقيقيا للريع  ولعدد النواب والمستشارين رأفة بالمال العام. فالوطن في حاجة لمشاريع تقلص الفارق بين المركز والهامش، وتشطب نهائيا مصطلح المغرب العميق من قاموس المغاربة.

تأتي البشارة من الرفيق لشكر.

يزف لنا خبر توافقات غير مسبوقة وإصلاحات جادة، ويضيف أن لا مكان  “للتوافه والجزئيات”.

نضيف، إن غدا لناظره لقريب.

من ثوابت مباريات كرة القدم الطفولية، أن من يملك الكرة هو من يضع قانون اللعبة.

قد يقرر أن تستمر المباراة لساعات طوال، كما قد يوقف مالك الكرة اللعب متى شاء. أما بقية اللاعبين، فليس عليهم سوى استرضاءه بالكلام الجميل وتنفيذ قراراته.

تكاثرت  أيضا خطابات قادة حزب الأغلبية بضرورة إسناد مهمة تنظيم الانتخابات الى جهة جديدة، وتحييد وزارة الداخلية التي ظلت تشرف على صناديق الاقتراع منذ الاستقلال.

في انتظار النفق والقطار واللقاح والانتخابات، على السياسيين التركيز على الأولويات والابتعاد عن منطق الغنيمة.

فالنصر أو الهزيمة في المباراة يأتي باللعب الجيد والفريق المتكامل، حتى لو كنت لا تملك الكرة. والأهم، تفكير جديد بأولوية النصر للوطن.

“من دون عقل جديد لا يمكن أن يقوم اجتهاد جديد.”

محمد عابد الجابري، مفكر وفيلسوف (1935-2010)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock