مانيفيستو آخر: محاربة التشهير أم سلاح يقصي الصحافة…!؟
تستحق رسالة إميل زولا الموجهة إلى رئيس الجمهورية الفرنسية وإلى المجتمع والنخبة عام 1898،أن تقرأ مرارا وعند كل نازلة تهم الصحافة والرأي العام.
يحفظ الجميع عنوان الرسالة: أنا أتهم. ويكاد ينسى الجميع أيضا مدى اهتمام إميل زولا بأدق تفاصيل قضية الضابط الألزاسي الفريد دريفوس ضحية حقد مجتمع أججته صحافة منحازة .
يتناول كاتب الرسالة بالتحليل أفعال كل المتدخلين وشهاداتهم المختلفة في القضية التي بدأت بسجن الضابط اليهودي وانتهت بتبرئته.
سمح قانون الصحافة لسنة 1881، وفي ظل الجمهورية الثالثة الفرنسية، للجرائد بالتعبير بشكل غير معهود. وقد تكون قضية دريفوس أول قضية تصنع فيها الصحافة المتحاملة ضد شخص واحد، قرار المحكمة. الضحية من أصول ألزاسية وينتمي للديانة اليهودية. توابل اجتمعت لتصنع منه هدفا سهلا للتشهير عبر الصحافة.
يصل التشهير الى اعلى مستوياته عبر نشر المعلومات الملتبسة و الرسومات المسيئة بهدف الإساءة المقصودة لشخص او مؤسسة ما.
تصنف رسالة الصحفي إميل زولا بيانا أو مانيفست.
يهدف المانيفست أو المانيفستو إلى تصريح برنامجي مكتوب ومعلن عن أفكار ومقاصد وأهداف أديب أو مجموعة من الأدباء أو تيار سياسي، على الصعيد الأدبي والسياسي، وأحيانا الجمالي.
منيفست إميل زولا زاوج بين صرخة قوية ضد الظلم ومرافعة رائعة لصالح ضحية أحد أول وأكبر ضحايا التشهير الصحفي في القرن التاسع عشر.
أعطت رسالة زولا درسين بليغين؛ أولهما ضرورة احترام الصحافة لمعايير المصداقية عند نشر الخبر، وثانيهما أن محاربة التشهير هو أيضا من واجبات الصحافة ولكن يبقى للقضاء الكلمة العليا.
قرأت باهتمام بالغ مانيفستو لمجموعة محترمة من الصحافيين المغاربة. يرافع البيان ضد صحافة التشهير. البيان يقترح على جهات مختلفة إجراءات لمعاقبة من يمارس التشهير.
لا يجادل أحد في ضرورة التصدي للمرتزقين عبر التشهير في الصحافة، فمصداقية الصحافة هي رأس مالها. أخشى فقط أن تتحول محاربة التشهير الى سلاح لإقصاء نوع معين من الصحافة تختلف في طريقة نشرها وخطها التحريري عن فريق غير معلن يدافع عن مصالح مالية صرفة وعائدات الإشهار ليس إلا.
قد يكون من المناسب فتح نقاش هادئ ورصين حول مساحات الظل داخل المانيفستو.