مارية شرف تكتب: المساواة بين الجنسين رافعة أساسية لتحقيق تنمية شاملة
لا يستقيم الفصل بين مطلب المساواة بين الجنسين وباقي قضايا الوطن الكبرى من تنمية وتوزيع عادل للثروات ما دامت النساء تمثلن نصف المجتمع وتشكلن طاقات إنتاجية هائلة من الضروري إدماجها بفعالية في إنجاح الأهداف التنموية الوطنية.
مارية شرف*
في البلدان العربية والإسلامية وخارجها، تثير قضية المساواة بين الجنسين نقاشا حادا بين آراء متباينة. يزعم البعض بأن الأولوية يجب أن تعطي لمحاربة الفقر والبطالة والأمية، ولما تسود الديمقراطية ويعم الرخاء كافة شرائح المجتمع، حينها يمكن للحركات النسائية والهيئات الداعمة لها من منظمات حقوقية وأحزاب أن ترفع مطالب المساواة والمناصفة بين الجنسين. لكن الفصل بين مطلب المساواة بين الجنسين وباقي قضايا الوطن الكبرى من تنمية وتوزيع عادل للثروات لا يستقيم ما دامت النساء تمثلن نصف المجتمع وتشكلن طاقات إنتاجية هائلة من الضروري إدماجها بفعالية في إنجاح الأهداف التنموية الوطنية.
النضال من أجل المساواة هو نضال من أجل العدالة الاجتماعية
الحجة بأن المساواة بين الجنسين يجب أن تُؤجل لصالح محاربة الفقر والتحديات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى تدل على فهم محدود لديناميات التنمية.
المساواة بين الجنسين ليست قضية معزولة، بل هي جزء أساسي من التنمية المستدامة والشاملة. تشكل النساء نصف السكان، ومشاركتهن المتساوية والفعالة في جميع جوانب المجتمع أمر ضروري لتحقيق التقدم.
المساواة بين الجنسين دعامة للتنمية
النضال من أجل المساواة بين الجنسين لا يتعارض مع أهداف الحد من الفقر والبطالة أو الأمية. بالعكس، يخلق تآزراً يعزز من جهود التنمية. من خلال منح النساء فرصًا متساوية في التعليم والعمل والموارد، يتم توسيع قاعدة القوى العاملة المؤهلة والنشطة، مما يحفز النمو الاقتصادي. بالتالي، تساهم النساء في خفض مستوى الفقر ليس فقط بالنسبة لهن بل أيضًا لعائلاتهن ومجتمعاتهن.
المساواة توزيع متكافئ للموارد والثروات
النضال من أجل المساواة بين الجنسين يسير جنبًا إلى جنب مع الدعوة للتوزيع المتكافئ للموارد والثروات. إن العدالة الاقتصادية والاجتماعية تتطلب الرفع من نسبة النساء في مجالات العمل المأجور و في النشاط الاقتصادي المدر للربح، لأن النساء تم استبعادهن في الماضي من طرف الأوساط المحافظة ، وبشكل منهجي من التعليم و من التأهيل و من الوصول إلى فرص العمل المأجور و إلى الموارد من عقارات و رؤوس الأموال. إن ضمان المساواة في الفرص بين النساء و الرجال يعزز خلق مجتمع أكثر توازنًا وقوة، حيث يمكن لكل فرد أن يسهم في تقدم المجتمع.
المساواة تعزيز للديمقراطية ولحقوق الإنسان
السعي لتحقيق المساواة بين الجنسين لا يقتصر فقط على الجانب الاقتصادي، بل له تأثير عميق أيضًا على الديمقراطية وحقوق الإنسان. تكون المجتمعات المتساوية في المشاركة في عملية اتخاذ القرار أفضل قادرة على تعزيز الديمقراطية.
بالإضافة إلى ذلك، المساواة بين الجنسين أمر أخلاقي ضروري، إذ يُعترف بالقيمة الجوهرية لكل فرد بغض النظر عن جنسه.
في الختام، الفكرة بأن مطلب المساواة بين الجنسين يجب أن يتوارى لصالح قضايا أخرى أهم هي فكرة غير صائبة، لأن الواقع المعقد يتطلب نهجًا شاملاً للتنمية، تتكاتف فيه جهود كافة مكونات المجتمع من هيئات تمثيلية و تقريرية وتنفيذية و منظمات المجتمع المدني من جمعيات حقوقية و نسائية للمرافعة من أجل القضاء على الفقر وعلى البطالة و تحقيق المساواة بين المواطنين و المواطنات، في إطار الاحترام الفعلي لحقوق الإنسان حيث تعتبر المساواة بين الجنسين جزءًا أساسيًا منها.
(*) خبيرة وكاتبة