ماذا لو سارت الدولة على نفس النهج…؟
أبانت الدولة المغربية عن علو كعب وذكاء وقدرة استباقية فيما يتعلق باللقاحات. حيث استطاعت من جهة التزود بعدد كبير من اللقاحات دون انتظار كوفاكس، التي استفدنا منها هي أيضا، من الهند والصين والسويد وبشكل جعل عملية التلقيح ببلادنا تسير بوتيرة سريعة لتصل اليوم الى فئة السن: 45 سنة، وبالتالي تغطية الساكنة الهشة في وقت قياسي و نتيجة لذلك جاء المغرب صمن الدول ال 15 الاوائل عالميا فيما يتعلق بتلقيح السكان صد كورونا، والوحيد في هذه اللائحة من القارة الافريقية، من جهة واستطاعت ان تنظم عملية التلقيح بشكل ساوى بين المواطنين بتحديد مواعيد اللقاح على اساس رقم البطاقة الوطنية والفئة العمرية وحال دون تأثره بالممارسات الإدارية الفاسدة المعروفة، وجعل رجال ونساء السلطة والصحة يتصرفون بشكل مثالي مع المواطنين، بما في ذلك في البوادي التي وصلها اللقاح في نفس الوقت الذي وصل فيه الى مختلف المدن، من جهة ثانية، بحيث يمكن القول، بكل موضوعية ونزاهة، اننا قصة نجاح حقيقي لا يمكن الا ان يبعث على الثقة في قدرات الدولة المغربية وعلى الاعتزاز بالانتماء للمغرب.
وعدا ذلك، وعلاقة به، فقد تبين ان للمغرب قدرات لوجستيكية مشرفة جدا لمواجهة اي طارئ، بما في ذلك جائحة بحجم كورونا، وبنيات قابلة للتكييف والتعبئة، من قبيل وسائل التخزين والتبريد، ولا بد من الاشارة في هذا النطاق الى الادوار التي لعبتها الخطوط الجوية الملكية على هذا الصعيد وغيره في المدة الاخيرة كناقل يتوفر على كفاءات عالية تدعونا الى الحرص عليه فيهذا الظرف الصعب باي ثمن، وتبين كذلك ان لنا في المغرب قدرة خارقة على تنظيم عمليات بضخامة تلقيح ساكنة البلد من طنجة الى الكويرة بموازاة عمليات اخرى لا تقل ضخامة وتعقيدا من قبيل تنظيم التحويلات النقدية المباشرة لفئات متضررة من الوباء والاجراءات التي اتخذت للحد من تفشيه او ايضا تدبير حالة الطوارئ الصحية الذي كان في المستوى على العموم، ولم تسئ اليه بعص التصرفات غير المناسبة المحدودة في النهاية …الخ.
ولا شك ان نجاح الدولة هذا كان ممكنا على اصعدة مختلفة بفصل النضج الكبير الذي ابداه الشعب المغربي بتجاوبه التلقائي مع عدد من القرارات ومن ذلك عدم حصول اي مسعى لتجاوز او ارباك عملية التلقيح باستعمال الاساليب التي كانت دائما مسيئة ومولدة لأحاسيس بالظلم والحكرة.
ماذا لو سارت الدولة على نفس النهج في تدبير مختلف شؤون البلاد و تحقيق اهداف التنمية الوطنية؟ ما ذا لو حرصت على ان يستفيد كل المواطنين على قدم المساواة بلا تعقيدات من الخدمات التي تقدمها في ميادين التعليم والصحة والادارة والقصاء والامن وعلى زجر أي تجاوز من اي كان ووقف استغلال النفوذ والشطط في استعمال السلطة وإنهاء الرشوة والفساد؟
أكيد أننا لو سرنا على هذا النهج سنسرع عملية التنمية بنقلها إلى وتيرة غير مسبوقة، وسنخفض كلفة مشاريعها وبرامجها، وسنجعل المواطن ينخرط فيها بثقة وسنحل جملة من المشاكل التي تعطل مسيرتنا ونتقدم على طريق اقامة العدالة الاجتماعية التي تمثل الغائب الأكبر في نموذجنا التنموي الحالي.
ليس المال، على أهميته، هو الذي يحل كل المشاكل، بل الذكاء والإرادة السياسية والتنظيم والاستقامة هي التي تشكل اهم رأسمال، وحين نقارن مع الفشل الذريع في جوارنا، فإننا لا بد ان نقتنع بذلك.