في ثقافة الساموراي، يصل الإحساس بالشرف لمستويات خيالية. فشل المحارب يجلب له من العار ما يجعله غير قادر على الاستمرار في الحياة، لن يأكل ويشرب ويتجول مبتسما بين الناس بعد أن اخل بواجبه.
ينهي حياته بضربة سيف قاطع يوجهها لنفسه.
امتدت ظاهرة انتحار الشرف أو هاراكيري باليابانية من القرن الثاني عشر إلى حدود سنة 1818.
طبعا، حتى بعد إنهاء ظاهرة هاراكيري، استمر اليابانيون ومعظم مسؤولي شعوب العالم في الانسحاب من الحياة العامة بعد فشل ذريع أو فضيحة مدوية.
من فشل أو أخطأ عليه أن يستقيل من منصبه.
سنة 2013، قدم وزير المساعدات الخارجية الدنماركي، كريستيان فريس باتش، استقالته بعد اتهامه بالكذب على البرلمان والرأي العام في البلاد بشأن دوره في تغطية مصاريف سفر كبيرة لمنظمة بيئية يوجد مقرها في كوريا الجنوبية.
منذ سنتين، أعلن وزير البيئة الفرنسي فرنسوا دو روغي استقالته بعد اتهامه بالإنفاق المفرط. كما استقالت وزيرة دنماركية حين اختلطت عليها بطائق الأداء، فصرفت سهوا مبلغا لا يتعدى ألف درهم مغربية لملء خزان سيارتها.
بين الساموراي والسياسيين النزهاء خيط رفيع من الكرامة والشرف.
فقدان الإحساس بالذنب وبالمسؤولية، مثل فقدان حاسة الشم. إذا فقده أحدهم فهو دليل إصابة بالعدوى.
في عالم السياسة المغربي، تنشر عدوى الصفاقة بكثرة.
أتذكر وزيرا سابقا صرح دون خجل أنه وزير وليس “مجرد مواطن في الطريق العام”، في تعال لا مبرر له سوى وقاحة صاحبه واستخفافه ببقية خلق الله.
لمن تعذر عليه فهم كلمة صفاقة، أترجمها للدارجة المغربية الجميلة؛ “الصنطيحة وقلة الحيا”.
اشتغلت المرحومة جميلة بشر مدة طويلة كاتبة لدى محام معروف. حين وافتها المنية، لم تكن بعد قد صرح بها مشغلها لدى مؤسسة الضمان الاجتماعي.
يعتبر المشغل مسؤولا عن التصريح بالأجراء حسب القانون 65.99 المتعلق بمدونة الشغل.
بالصدفة، مشغل المشمولة برحمة الله، هو أيضا وزير حقوق الإنسان. وقد أكد هذا الوزير مرارا أن وزارته عازمة على حماية حقوق المغاربة والنهوض بها.
القول سهل والفعل صعب.
حكمة عميقة متداولة لدى اليابانيين، أحفاد الساموراي.
تستمر عدوى الصفاقة في الانتشار.
