وقع كيليان مبابي، أمس السبت، على حلقة أخرى من قصة حب في مسلسل عاطفي، اسمه الباري سان جرمان، وعلى الرغم من أنه كان يحلم دائما بالريال حتى وهو طفل، وباللعب لهذا النادي الملكي بمدريد، لكن وراء كل هذا، هناك، فعلا قصة حب وهيام بينه وبين باريز، التي كبر في ضواحيها ورضع من شغف جمهورها المتيم بحب بالمستديرة.
فلم تكن قصة الحب بين مبابي وفريق العاصمة، أبدا قصة مال، والتوقيع للذي يدفع أكثر، فابن مدينة بوندي، كان دائما يريد أن يرى باري سان جيرمان في القمة، يريدها مثل عروس، يغبطه عليها أجمل العرسان. وجاء قرار مبابي ليلجم ألسنة كل من ادعوا أنه اختار المال، لأن ريال مدريد عرض عليه ما لم يعرضه على أي لاعب من قبله، فرفض، وهو الفريق الذي وقع له أساطير الكرة مثل فيجو ثم زيدان، ورونالدو وغيرهم. وكان الريال دائما يوقع لأفضل وألمع الأسماء، حتى نزلت عليهم إجابة مبابي كالحمى، ومضمونها أن “أكبر قٍدر في العالم ينتهي به الأمر دائما بالعثور على غطاءه.
الحقيقة الصادمة للرياليين وجمهورهم، أن مبابي لم يكن ولن يكون أبدا البرتغالي لويس فيجو، القادم من برشلونة إلى الغريم التقليدي ريال مدريد في صفقة قياسية كانت قيمتها مبلغ فلكي منذ 21 سنة خلت.
فمع الريال، كان مبابي قادرا أن يفوز بكل شيئ معهم، إلا الوفاء لباريز التي أحب، كان دائما يريدها ولا زال، يحلم بأن يحلق معها في سماء أوروبا، ويقطف لها كل نجوم الشامبينزليج، الواحدة تلو الأخرى، فالعاطفة هنا تغلبت على المال، في بقاء مبابي وفيا لباريس، فما كان على الواقفين على باب الفريق الباريسي إلا إلتقاط الإشارات التي بعث بها، وجس نبض قلبه المملوء عن ٱخره بحب النادي، وهو ما من شأنه أن يحدث ثورة كروية في باريس.
فلم يكن على مسؤولي الفريق الباريسي غير التفاعل إيجابا مع كل هذا الإصرار لبقاء هذا الأمير الأسمر أسير حب ملعب الأمراء. إذ استشعر هؤلاء تلك الرغبة الملحة في إحرازه الألقاب معهم، ببساطة لأنهم فهموا ما يحتاجه مبابي وهو ضرورة الشعور بأنه في فريق يمكنه الفوز بكل شيء، وأول الأشياء قلب الباريزين، فلم يتأخر الطلب.
البعض، من محبي النادي الملكي يدعون أن مبابي ليس له بعد نظر وأنه لا طموح له، فتأتيهم الإجابة السريعة من الأنصار البارزيين، ومفادها أن “جلب الماء إلى البحر، ليس كجلبه للصحراء”، فالريال حاز على 13 لقبا أوروبيا، مقابل لا شيء لباريز. أليس الطموح أن تكتب التاريخ، فاللاعبون الإستثنائيون يقومون بأشياء استثنائية. والفوز بدوري أبطال أوروبا مع ريال مدريد ليس شيئا مميزا، لكن نكهته مع باري سان جيرمان شيء ٱخر، إنها تأشيرة الدخول للتاريخ.
نعم، رفض مبابي اللعب في البيرنابييو، في ملعب يليق بالملوك، وفضل الإكتفاء بعشب حديقة الأمراء، وقع مبابي عقدا جديدا حتى يونيو من سنة 2025، ليصبح الآن نجم مشروع جديد في باري سان جيرمان، سيكون قائده بلا منازع.
انتصر حب مبابي لباريز على إغراء أموال الريال، واحتفظت عاصمة الأنوار بمبابي، بوهيجها وجوهرتها، لقد اختفظت باريز فعلا، بأفضل اللاعبين في العالم.