لا زال الطريق طويلا نحو الصباح
من باب الحلم فقط، أريد وطنا يتغير، وأمنيات تصبح حقيقة.
لكن ماذا لو تحققت كل الأحلام؟
ستصبح الدنيا بلا معنى، بلا ذوق وبلا هدف.
أتساءل دائماً عن سبب ارتفاع نسب الانتحار في دول يتوفر فيها كل شيء، أو تقريبا كل شيء. ثم أقنع نفسي أن الضجر والملل يسببان حالة نفسية يصبح فيها المرء زاهدا في ما لا زال ينتظره من حياة قادمة، فيقرر أن يغادر باكرا نحو العالم الآخر، ربما طمعا في بعض التشويق وفي أحداث جديدة ومثيرة. أو ربما، لأنه اكتفى بما رأى من جمال وما عاش من سعادة.
لحسن حظي، وحظكم أيضا، أن القدر أنبتنا ها هنا.. في موطن الأحلام.
أحلام كتب لها أن تخلد أحلاما.
مر العمر ونحن نسمع الوعود الجميلة والكلام المعسول، ولا نرى سوى ما اعتدنا أن نراه من نواقص تفوق عند عدها أصابع اليد والرجل مجتمعين.
مستشفيات يعاني فيها الطبيب، المغلوب على أمره، قبل المريض، أبوابها مكتظة، معداتها غائبة، وممرضوها في حالة غضب ونرفزة دائمين.
لا زال المواطن العليل يتجول بأوراق تحمل تواريخ بعيدة:
بعد شهر، أو حتى بعد أشهر.
اختلط عمر البشر بعمر السلاحف، لا شك أن أحدا ما، في مكان ما داخل مكتب مكيف، يظن أن الناس تعمر مئة ونيف مثل السلاحف.
لا ضير أن يتريث مريض شهورا، في حساب حياة طويلة عريضة.
لا زالت نساء الجبال تفارقن الحياة، قبل أن تتمكن من وضع مواليدهن في مستشفى قريب و مجهز.
لا زال الصحفيون يكتبون وهم يتحسسون رقابهم خوفا من تهم عديدة لا تسقط، بالصدفة، إلا على رؤوس البعض منهم كلما انتفض القلم وخط ما يجب أن يكتب، عوض ما يستحسن أن يكتب.
السياسة فاشلة و فضائحها لا تنتهي و حرية التعبير في مد و جزر تبعا لهوى اصحاب القرار.
لا زال التعليم عن بعد، وعن قرب دون فائدة حقيقية في تغيير المجتمع، أو، على الأقل، في صنع جيل غير جيل تيك توك وقصات الشعر التي يشبه أصحابها أي كائن في المجرة الشمسية، عدا مواطنا صالحا.
ثم هناك الإعلام، والبنيات التحتية، وحتى مجاري المياه في الدار البيضاء وغيرها.
يحتاج الكل للإصلاح أو إعادة البناء.
ماذا ننتظر؟
سننام الليلة لنحلم أيضا.
أحداث معينة ستقرع جرس الاستيقاظ في كل مرة؛ المطر وإقصائيات كرة القدم، تقارير المنظمات الدولية، فواجع الموت على الطرقات، في البحر المتوسط، أو أمام المستشفيات، سيل المحتجين بشوارع العاصمة دون أن يرف للحكومة جفن.
ها نحن نحلم، في انتظار أن نفرح، وأن نعيش.
لا زال الطريق طويلا نحو الصباح.