كرونيك

لا أحد يعلم كيف أصبح العثماني رئيس حكومة

تبين لجل المغاربة أن الحكومة بارعة في أشياء كثيرة، ما عدا تدبير الشأن العام.

يمكن فهم تفوق الحكومة وأعضائها في مجالات دون غيرها ضمن نظرية الذكاءات المتعددة.

نظرية الذكاءات المتعددة وضعها عالم النفس هاورد غاردنر عام 1983، وتقول بوجود أشكال مختلفة من التفوق الذهني ومن القدرات المختلفة.

تقليديا، اعتبرت قدرتين فقط، هما التواصل اللغوي والتفكير المنطقي مؤشران معتمدان في اختبارات الذكاء.

أشار غاردنر إلى قدرات إضافية، مثل الذكاء البصري المكاني، الذكاء الموسيقي النغمي، ذكاء المعرفة الذاتية ومعرفة النفس.

باختصار، يبرع كل شخص في ميادين تقليدية أو استثنائية حسب قدراته.

من سوء حظ السيد هاورد غادنر أنه لم يكن أبدا مواطنا مغربيا. أضاع فرصة دراسة حالة فريدة لقدرات يصعب تصنيفها.

يجيب الطبيب النفسي ورئيس الحكومة عن سؤال حول نفعية إضافة ساعة للتوقيت الرسمي، في خضم رفض شعبي عارم ومظاهرات تلاميذية ضخمة، أن فهم ما جرى يمر عبر نجاعة صنابير المياه وأزرار الكهرباء.

حاولت مرارا، بذكائي التقليدي المحدود، الوصول إلى قصد السيد الرئيس أو إلى مربط الفرس حسب المجاز الشائع، فلم أفلح لا أنا ولا غيري.

وأستسمح غاردنر في إضافة قدرة تعويم السمك التي أبان عنها سي العثماني.

ترتكز هذه القدرة على الإجابة بالبديهيات وجعل السائل يفقد البوصلة امام أجوبة ليست لها أي علاقة بالموضوع.

هكذا، لم أصل إلى مربط الفرس ولا حتى اقتربت من الإسطبل.

أسوق مثالا آخر بغية الغوص أكثر في فرص غاردنر الضائعة لتجويد نظريته.

وزير الصحة يردد صباح مساء، منذ ظهور كورونا، أن الوضع متحكم فيه. فجاة، يقرر إقفال بضعة مدن كبرى خلال أقل من أربع ساعات لتفادي انتشار الفيروس.

تخرج طوابير لا حد لها في سباق محموم يشبه تهافت المستوطنين الأوروبيين الأوائل نحو أراضي الغرب الأمريكي. لا تباعد ولا هم يحزنون، فوضى عارمة وحوادث بالجملة.

في اليوم الموالي، يعقد الوزير نفسه ندوة صحفية “مزدحمة”، ليشرح للرأي العام أن الفيروس لا يمهل.

تسمى هذه المهارة بالقدرة التبريرية. وصاحبها يمتلك ذكاء تبريريا، هو ومجمل من شارك في اتخاذ القرار المتسرع والخطير.

ويتميز أصحاب هذه المهارة التبريرية الفائقة، بالثقة الزائدة في النفس أو الوجه الصلب، وهي صفة غابت عن هاورد غاردنر، نفعنا الله بعلمه وغفر الله لنا وله و لكافة أعضاء الحكومة.

بالمناسبة، أان السيد رئيس الحكومة عن نسبة عالية من ذكاء المعرفة الذاتية أو معرفة النفس. فقد صرح يوما أمام أنصار حزبه، بكل تلقائية وصدق، أنه لا يعرف أبدا كيف أصبح رئيس حكومة.

للتاريخ، نوافقه الرأي دون تحفظ، فلا أحد، في الحقيقية، يعرف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock