كرونيك

كورونا… هكذا كان العالم قبل عام… وحكومتنا أيضا…!

خلال الأسبوع الأول من مارس الماضي، ظهر الفيروس التاجي في الأفق.

كان يتحرك نحونا ببطء، تسبقه أصوات تهويل وفزاعات أرعبت الناس.

شبح الفيروس يتراقص بعيدا عنا في مدينة اسمها ووهان.

لم يسمع بها أحد قبل.

سوّق الإعلام الغربي لحالة عدوى لا شفاء منها، تمكنت من مدينة صينية وهي تلتهم أرواح الناس بلا شفقة أو رحمة.

يظهر الصينيون في لقطات مخيفة وهم مقنعون في الشوارع، وقد حاصرتهم الحواجز من كل الجهات حتى لا ينقلوا المرض الفتاك إلى باقي البلد.

رجع حفنة من الطلبة المغاربة من الصين وتم وضعهم في الحجر أمام خوف معظم المغاربة من هذه الرحلة التي قد يستغلها الفيروس، لكي يتسلل نحونا.

بعد أسبوع، أعلن الحجر فخرج الناس إلى الأسواق واحتجزوا كل قنينات الغاز رهينة في بيوتهم.

لماذا؟

لا أحد منهم يعرف حقا.

رئيس الحكومة صرح بكل ثقة واحترافية، فالرجل طبيب في الأصل، أن الأقنعة غير ضرورية.

ثم رجع إلى مكتبه واجتمع مع وزراء حكومته وفرض غرامة على كل من يخرج سافرا، أي بدون قناع.

نسينا الغاز، وخرجنا نبحث عن الأقنعة ونحتج على ندرتها وغلائها.

أرجعتنا الحكومة إلى منازلنا، وتكفلت بالتواصل اليومي حتى صار ممثل وزارة الصحة من نجوم التلفزيون العمومي، رغم تحمله مسؤولية تعداد الضحايا الجدد كل مساء.

غادر طلبة ووهان الحجر وغادر معهم كثيرون نحو القرى والمداشر للاحتفال بعيد الأضحى.

وحده الفيروس، لم يغادر ولم يكترث بمجموعات الإنشاد الوطني، ولا بالحواجز الكثيرة عبر الطرق و الأزقة، والتي استطاع المغاربة اختراقها بفضل الرخص الكثيرة أيضا.

حل موسم الدراسة فاختار الآباء الدراسة عن بعد، شريطة أن يحضر أبناءهم للمدارس كل يوم.

وهكذا كان.

حضوري غيابي وبالتناوب مثل حضرة صوفية موغلة في الغرابة ومنافية لقانون الفيزياء، تنهل حصرا من قاموس التجلي والحلول، وعودة المهدي المنتظر.

لا أحد يعرف تماما ماذا حل بكل قارورات الغاز المحتجزة. الإشاعة تقول أن فيتامين سي الذي اختفى أيضا من الصيدليات، ربما ينام في بيوت نفس المغاربة المشبعين بالجشع والأنانية.

لا أحد يعرف تماما لماذا يكتفي جل المغاربة بوضع الأقنعة زينة على أعناقهم وتحت أنوفهم، بعدما أصبحت متوفرة وفي متناولهم.

في الحقيقة، لا أحد يبدو أنه يعرف أي شيء عما يقع اليوم، أو ما سيقع غدا.

في انتظار المجهول، تلك الكمامات التي غطت وجوه الصينيين في بداية الوباء، هي الطريق إلى الخلاص.

أما تخزين الغاز وفيتامين سي وأدوية الحمى، والخروج للبحث عن الفيروس أو لنشره بين الناس، فهو أصل البلاء والوباء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock