كندا: ميدالية “الشجاعة” لمغربي قتله الإرهاب: ألف رحمة يا سيدي الكريم…!
قررت كندا منح ميدالية الشجاعة” للمواطن الكندي من أصل مغربي عز الدين سفيان، الذي قضى لدى محاولته نزع سلاح مرتكب الاعتداء الشنيع الذي استهدف المركز الاسلامي الثقافي لمدينة كيبيك، وخلف ستة قتلى خلال العام 2017.
ويعد عز الدين سفيان من بين 123 كنديا سيتم تكريمهم من قبل الحاكمة العامة جولي باييت، “لتميزهم وشجاعتهم وحس الواجب الاستثنائي الذي أبانوا عنه”.
وأوضحت الحاكمة العامة، في بيان، أنه سيتم أيضا ، خلال حفل سينظم لاحقا، تكريم أربعة أبطال آخرين في الاعتداء الذي استهدف المركز الثقافي الإسلامي في كيبيك، كانوا قد حاولوا بدورهم حماية مرتادي المركز خلال هذه المذبحة التي وقعت في 29 يناير 2017، حسب قائمة تم الكشف عنها اليوم الأربعاء.
ويتعلق الأمر بسعيد أنجور ومحمد خبار، اللذين سيحصلان على ميدالية الشجاعة لمحاولتهما مواجهة مطلق النار أثناء الهجوم. كما سيتم منح الميدالية لحكيم شمباز لإنقاذه فتاة صغيرة خلال الاعتداء، وأيمن الدربالي، الذي أربك مطلق النار والذي يعاني من شلل رباعي إثر إصابته بسبع رصاصات خلال الحادث.
وتعبر ميدالية الشجاعة التي تم إقرارها سنة 1972 من قبل الملكة إليزابيث الثانية، عن عرفان الأمة الكندية للأشخاص الذين يخاطرون بحياتهم لإنقاذ الآخرين أو حمايتهم.
عودة إلى الأحداث
خلّفت العملية الإرهابية في يناير 2017 على مسجد المركز الإسلامي في مقاطعة كيبيك بكندا صدمة واسعة بين صفوف الجالية الإسلامية وسكان المقاطعة عموما، إذ لم تعرف المقاطعة عموما هجمات من هذا القبيل، فرغم تعرّض المسجد ذاته لاعتداء قبل مدة برمي رأس خنزير قربه، فالمسلمون لم يكونوا ينتظرون أن يكونوا هدفا لمسلح أراد قتل أكبر عدد منهم.
حصيلة يوم الاثنين 30 يناير 2017 انتهت بمقتل ستة أشخاص، كلهم من أصول أجنبية، وتحديدا من الجزائر وتونس والمغرب وغينيا، بينهم شخصية جد معروفة في كيبيك، ويتعلّق الأمر بسفيان عز الدين، صاحب متجر اللحوم “السلام” الشهير في المنطقة، والرجل الخدوم الذي لم يكن يذخر جهدا في مساعدة الآخرين.
وتحول متجر السلام إلى مزار للمعزين خلال الساعات الماضية، فليست الجالية المغربية أو المسلمين وحدهم من آلمهم رحيل عز الدين ومعه القتلى الخمسة الآخرين، بل كذلك الكثير من سكان كيبيك، إذ كان عز الدين محبوبا من لدن الجميع، وكان يقدم مثالا قويا على قدرة المسلم الاندماج في وسط غربي والتعايش مع الآخرين.
سفيان عز الدين
سفيان عز الدين، قضى نحبه وهو في سنه الـ57، له ثلاثة أبناء، حاصل على شهادة الدكتواره في البيولوجيا، وصل إلى كندا قبل ثلاثة عقود تقريبا، وكان هو أول من أنشأ محلا لبيع المنتوجات الحلال في كيبيك، كما كان يحسّ في أيامه الأخيرة أنه قد يموت شهيدا خاصة بعد سفره رفقة زوجته إلى العمرة قبل أسابيع، تحكي نزهة أنكيلا، جارته وصديقة الأسرة.
وعودة إلى ما جرى في ليلة مقتله، فقد تنازل عز الدين العشاء مع أسرته، والتحق بالمسجد لأجل تأدية صلاة العشاء، وكان المسجد غاصا في تلك اللحظة بالكثير من المصلين بينهم نساء ورجال، إذ كان المركز ينظم حملة تبرعات لصالح سكان غزة، وبعد صلاة العشاء، تفرّق عدد من المصلين، وبقيت فقط نسبة قليلة تحرص على أداء الشفع والوتر، تستعيد نزهة أنيكيلا ما وقع.
وتضيف نزهة إن منفذ العملية أتى خلال أداء صلاة الشفع والوتر، ولو أتى مبكرا لكانت حصيلة القتلى أكبر، وبعد سماع صوت إطلاق النار، تشجع عز الدين وأخبر المصلين عن أنه سيخرج لإيقاف مطلق النار لأجل منعه من قتل من كانوا داخل المسجد، فكان عز الدين أول القتلى وأكثر من استقبل صدره رصاص الجاني.
تضامن من كل الأديان
ورغم أجواء الصقيع في كيبيك، إلّا أن سكان المدينة من كل الأديان والمعتقدات شاركوا في وقفة تضامنية مع الضحايا، وتؤكد نزهة أن شدة البرد هذه الأيام تجعلك لا تحس بأطرافك، ومع ذلك كان التضامن قويا والتعازي لم تتوقف، متابعة وهي تغالب دموعها أن العمل الإرهابي صدم سكان المدينة ككل لأنه عمل غير مسبوق أبدا، لافتة إلى أن زوجة عز الدين تعيش وضعا نفسيا جد متدهور.
كان رجلا جد لطيف
وعلى صفحة المركز الإسلامي لكييبيك في فيسبوك، تعدّدت الشهادات بحق الراحل، فقد كتب عمار: “كان رجلا جد لطيف، دائم البسمة. أؤكد أنه كان إنسانا رائعا محبوبا، يحب الجميع.. لا أستطيع وصفه بكلمات معدودات.. فدموعنا تقول كل شيء”، وكتب حكيم: “ساعدني كثيرا عندما كنت أعدّ لعشاء للشباب المسلم في الجامعة.
وكتبت سيدة أخرى “إنه إنسان لا ينسى، كلما تذكرت وجهه الكريم بكيت بحرقة. ألف رحمة يا سيدي الكريم.. كنت كلما ذهبت للشراء عنده، أقول لزوجي إنني أحس أن النور ينبثق من وجه هذا الرجل الكريم. أقسم أن وجهه كان فيه نور وهو في الدنيا”، كما كتبت نادية: “لن ننسى أبدا ابتسامتك كلما زرنا متجرك”.
وحول ما ترّدد عن اعتقال مغربي في العملية، أكدت نزهة أن الشرطة أطلقت سراحه بعدما تبين أن اعتقاله كان عن طريق الخطأ، إذ كان هذا الشاب هو من اتصل بالشرطة بعد إطلاق النار، لكنه وعندما رأى عناصر الشرطة، بدأ يركض، الأمر الذي جعلهم يشكون به، قبل أن يتأكدوا من براءته، بعد العودة إلى كاميرات التسجيل وشهادات الحاضرين.