كل من ماتوا نجوا من الحياة بأعجوبة…!
تسير الجنائز بروية وهدوء، يتبعها خليط مهيب من الأحبة والأصدقاء والجيران والمجاملين، وغرباء ممن يبحثون عن كسب أجر موعود في تشييع الميت.
أصبح تعداد الراحلين رياضة يومية، تصاحب نشرات الأخبار وتملأ صفحات الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي.
إنه عام حزين وقاسي.
فنانون، أدباء ومثقفون ترجلوا تباعا وغادروا بلا عودة.
البعض عصف مرض كوفيد بما تبقى من عمره، والبعض الأخر استسلم لناموس الكون العادل.
الفناء هو القاعدة، أما سنوات الحياة المعدودة فهي مجرد استثناء جميل.
يعود الجسد المنهك لتراب الأرض ليلتحم بالطبيعة، فيما تلتحق الروح حيث المقام الأبدي لتسبح في ملكوت الله.
كل من ماتوا نجوا من الحياة بأعجوبة، يكتب محمود درويش.
نعم يا محمود، لكن كل من ماتوا أخذوا قطعة صغيرة من روح من ينتظرون في الدور اسدال الستار، فالرحيل اصعب على الأحياء، لا على الأموات.
الراحلون لا زالوا بيننا.
ترك الموهوبون أبيات شعر،او فنا جميلا او تراثا فكريا.
إنها ذكرى أثر تعيد صورتهم وصوتهم بين الفينة والأخرى لعالم الأحياء الغارق في الضجيج والفوضى والحرب والسياسة والتناطح.
أما أغلب من رحل من عامة الناس، فلم تمهله مطالب الأبناء وإكراهات اليومي لحظة واحدة وفريدة ليجالس نفسه ويبدع ومضة سعادة مستحقة.
جاء مكرها، عاش مجبرا، ثم رحل قبل أن يدرك أن الحياة هي ومضة حب وسعادة لا يسعد بلقائها إلا من بحث عنها داخل روحه، لا داخل ديبلومات الجامعات، وكشوفات الأبناك وفواتير الماء والكهرباء والمطعم وما شابه.
ربما، تتريث العربات الجنائزية في سيرها لتعطي راكبها فرصة أخيرة للعيش سعيدا دون ان يشغل نفسه بمن حوله.
ينال متأخرا لحظة سعادة قصيرة مثل العمر.
رغم الوباء، رغم قلق الحياة، رغم كل شيء، تستحقون السعادة والفرح والجمال.
وكل عام وأنتم بألف خير.