كرونيك

كل شيء يأتي من الصين: العلم والوباء واللقاح…. وشهادة الوفاة

شطب الحزب الشيوعي الصيني اسم حزب التقدم والاشتراكية المغربي من لائحة الاحزاب الشيوعية، معلنا بذلك انتهاء علاقة الحزب بالفكر الشيوعي وفصل الحزب رسميا عن أفكار مؤسسيه ومناضليه الأولين.

قد يكون الحزب قد ابتعد منذ زمان عن أفكار الشيوعية، بل ويعيش على نقيضها لدرجة مساءلة هويته وعلاقته بالنسخة الأصل.

قد يكون ليس هو أبدا.

عقب كل وفاة، سواء طبيعية أو غيرها، يحتاج أهل الميت لشهادة إدارية تسمى شهادة الوفاة، تصلح في الغالب لتوزيع ما تركه الهالك على ذوي الحقوق وإتمام كافة الإجراءات الإدارية المرتبطة بوظيفة أو تجارة من مات.

يختص الطبيب، في معظم الأحيان، في إثبات الوفاة. وقد يحصل أن تظل الجثة داخل ثلاجة الحفظ لعدة أيام أو أشهر حين يتعذر التعرف عن هوية صاحبها.

هكذا تمتد حياة شخص ميت، بلا روح، رهينة بتوقيع وطابع إداري لترجع إلى الأرض حيث البداية والنهاية.

لا مناص من مراسيم الدفن والجنازة في كل ثقافات العالم.

مراسيم الوداع يحتاجها الأحياء لا الأموات.

يذرف الاقارب والاصدقاء الدموع بحسرة ليقينهم ان الغياب، هذه المرة، نهائي.

هي ايضا مناسبة لتدبيج خطب بليغة و مؤثرة في مناقب الراحل.

ينهي الأحياء خصوماتهم كلها، وعتابهم بمجرد سماع خبر انتقال القريب أو الحبيب الى العالم الأخر.

بعضهم يندم قليلا أو كثيرا بعد أن أضاع فرصة لقاء أخير أو اعتذار صغير يريح ضميره المشوش.

صرح نبيل بنعبد الله عقب فك ارتباط الحزب بحكومة العثماني :

… وقلنا إن هناك مشاكل في البلاد، وأن الهوة كبيرة بين المواطنين والعمل السياسي ما جعلنا نصل لذلك القرار.

تصدح أم كلثوم في رائعتها “فات الميعاد” بحقائق بسيطة وخالدة:

“وعايزنا نرجع زي زمان..

قول للزمان ارجع يا زمان..”

يفهم كل ذي عقل، أن الزمان لا يرجع. فخط السير في اتجاه واحد، لا غير.

بدأ حزب علي يعته الفكر الشيوعي، ثم تخلى عنه بالتدرج لصالح الفكر الاشتراكي الديمقراطي في أواخر القرن الماضي.

طيلة تاريخه في معسكر المعارضة، اتخذ حزب التقدم والاشتراكية مواقف مهادنة و”مرنة” تجاه مبادرات النظام، حيث ساند الاستفتاء على الدساتير المقترحة منذ عام 1992.

استلم  نبيل بن عبد الله قيادة الحزب وظل يردد، في كل مرة يساند قرارا لا شعبيا أو مخالفا لفلسفة الحزب و مبادئه، الحزب يفعل ما يفعل لصالح المغرب، حتى ظن من يسمعه أن من سبقوه من هامات كانوا يعملون لصالح مملكة سوازيلاند.

هكذا شارك الحزب في الحكومة الإسلامية وساهم في تطبيق ليبرالية متوحشة و مفقرة بدأت بالمقاصة واستمرت في تخريب تقاعد الطبقة الوسطى ورفع الاسعار وتخريب منظومة الوظيفة العمومية.

أما الباقي، فمن دون الحزب الذي تقزم وخرج من الباب الخلفي معطوبا وشبه منته.

كل شيء يأتي من الصين. العلم و الوباء… وربما اللقاح، حتى شهادة الوفاة.

هذه المرة، وقع الطبيب على وفاة حزب استمر في ثلاجة الموتى لسنين.

لا أحد يدري من يحتاج التوقيع القادم على شهادة وفاة أخرى، ولكن الكل يعرف، تمام المعرفة، أن المشهد السياسي بات في حاجة إلى إعلان وفاة أحزاب ماتت و شبعت موتا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock